Saturday, November 12, 2011

أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ

نص التأمل يوحنا 8: 12 – 29
ثُمَّ كَلَّمَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا قَائِلاً:«أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ». فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقًّا». أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«وَإِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي حَق، لأَنِّي أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ وَإِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ آتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ أَذْهَبُ. أَنْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ تَدِينُونَ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ أَدِينُ أَحَدًا. وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَق، لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي، بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. وَأَيْضًا فِي نَامُوسِكُمْ مَكْتُوبٌ أَنَّ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ حَقأَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي». فَقَالُوا لَهُ:«أَيْنَ هُوَ أَبُوكَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «لَسْتُمْ تَعْرِفُونَنِي أَنَا وَلاَ أَبِي. لَوْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا». هذَا الْكَلاَمُ قَالَهُ يَسُوعُ فِي الْخِزَانَةِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ. وَلَمْ يُمْسِكْهُ أَحَدٌ، لأَنَّ سَاعَتَهُ لَمْ تَكُنْ قَدْ جَاءَتْ بَعْدُ
قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا:«أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي، وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» فَقَالَ الْيَهُودُ:«أَلَعَلَّهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ حَتَّى يَقُولُ: حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا؟». فَقَالَ لَهُمْ:«أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ، أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ، أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ. إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ». وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ


بالفعل إنه لخبر سار أن كثيرين آمنوا بكلمات يسوع. هذا هو الخبر السار, أن الإيمان ليس إلا الاستجابة لدعوة الكلمة يسوع. إنه لخبر سار لأن يسوع قال: " لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ ". لدينا أيها الأحباء صورةً في نهاية هذا المقطع أن هناك أناس ينتقلون من موت إلى حياة بينما الكلمة يتكلم. إنهم لم و لن يموتوا في خطاياهم, بل رقدوا في نعمة و تبرير و هذا خبر سار أيضاً, أن الله سامحهم و قبلهم كأعضاء في جسد الكلمة. إن لم نؤمن فسنموت في خطايانا و لكن إن اعترفنا و آمنا فهو أمين و عادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل أثم. نعم, إن آمنا, فسنموت أو سنرقد لكن في بر و خلاص يفيض إلى حياة أبدية. إنه بالفعل لخبر سار و صلاتي أن نبتدأ معه و ننتهي معه لأنه هو الألفا و الأوميغا, الألف و الياء, البداية و النهاية
إنه لخبر سار, ليس أن من بينهم من آمن, بل لأنه آمن و الكلمة تكلم فقط, فتح فاه فحسب, إنها معجزة كلمة الكلمة. هذا الإيمان تولد و زرع في قلوب من آمن لأنهم سمعوا الكلمة و آمنوا به. الإيمان يأتي هنا نتيجة السمع, السمع لكلمات الكلمة يسوع. أعتقد أن هذا هو السبب الجوهري وراء اهتمام الكنائس الإنجيلية بخدمة الكلمة, أي الوعظ, لأن الإيمان يأتي بسمع و قبول الكلمة الشاهدة للكلمة المسيح. بالقراءة خلال صفحات الأناجيل, نرى يسوع في معظم الأحيان يتكلم و يعلم ثم تأتي المعجزة سواء كانت إشباع جياع, أو شفاء, أو معجزة غفران الخطايا. يسوع يتكلم أولاً و الإيمان يُخلق عندما نفتح قلوبنا و نغلقها لتحرس الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص من قد هلك
أريد الآن أن أصرف بعض السطور للتكلم عن بنية هذا النص الكتابي لأنه يبدو لي للوهلة الأولى أنه مركب بطريقة تدعو لتساؤلات عديدة. يفتتح الكلمة ليقول: " أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ"
الملفت يا أحباء أن كلمة "نور" اختفت من بقية النص, فما هو الأمر الذي طرأ لتختفي هذه الكلمة؟ لماذا لم يتابع يسوع كلامه عن النور؟ في بقية الأناجيل يصرف يسوع وقتاً في تعاليمه عن السراج و المكيال, عن المنارة, عن الظلمة و النور, عن العين كونها سراج الجسد, في كل تعليم يسوع عن النور, كان يسوع يصرف بعض الوقت في كلامه أو أمثاله مستفيضاً لأهمية و محورية مفهوم النور الذي يشرق و يجلي كل ظلمة. لكن هنا, كلماته كانت مقتضبة, كأن سبباً طارئاً قطع الحديث فما الذي جرى
انطلاقاً من هنا, أرى بنية النص كالتالي
أولاً: قول يسوع, أنا هو نور العالم
ثانياً: اعتراض على هذه المقولة
ثالثاً: يسوع يسير مع تيار الاعتراض و مع مجرى الحديث الجديد و بسبع آيات يؤكد أن سلطانه من الآب و أنه هو ما هو بسبب علاقته الجوهرية مع الآب
رابعاً: كل شرح يسوع عن علاقته بالآب, الذي يبدو ظاهرياً على أنه موضوع مختلف عن موضوع النور في الاستهلال الأول, هو برمته شرح كيف أنه هو نور العالم

إذاً يسوع يستهل الكلام بالقول أنه نور العالم. لم ترق هذه الكلمات لليهود و اعترضوا (أي النقطة الثانية) على هذا الكلام و اتهموه أن يشهد لنفسه فشهادته ليست حقاً و لا ترتقي إلى أي إذعان. فيسير معهم في الحوار الذي يبدو للوهلة الأولى غريب عن موضوع النور, أي الموضوع الأساسي. و تقديري أننا قد رأينا هذا من قبل! في حوار الكلمة مع المرأة السامرية, يفتتح هو الحوار ليتكلم عن الماء الذي يفيض للحياة الأبدية, فتغير المرأة الموضوع لتسأله عن العبادة! أين يجب أن نعبد الله؟ لكن الملفت أن الكلمة سار معها في الحوار الجديد لنكتشف في نهاية الأمر أنه عاد بها و لو ضمنياً إلى موضوع الماء؟ لقد رأينا كيف فاض الكلمة يسوع كالماء الحي في حياة تلك المرأة لدرجة أنها لم تستطع أن تغب منه بمفردها بل ذهبت لتخبر عنه بكل بركة فياضة لكل قريتها و هي التي أتت لتستقي في وقت لم ترد أحداً أن يراها بسبب ماضيها
تقديري أن ما تم هنا هو أمر مماثل و مطابق. الكلمة يتكلم عن النور, الفريسيون يغيرون مجرى الكلام باعتراضهم, يسير يسوع مع الاعتراض ليؤكد سبع مرات أنه في الآب و مع و الآب و كون أنه أتى من الآب خالق و ضابط الكل, فهو نور العالم. أي, كون أن الكلمة أتى من الآب خالق الكل, و كون أن الكلمة نور يفتح أعين العمي, فهذا الكلمة النور هو نور العالم. لماذا يسوع هو نور العالم, لأنه ابن الآب, نور من نور. كل هذا الحوار مع الفريسيين هو شرح لكيفية أنه نور العالم, لأنه من الآب النور خالق و باري كل العالم
ربما من أصدق الصور لفهم عمل الله الثالوث هي صورة الشمس: الكوكب و الدفىء و النور. عندما نرى كوكب الشمس نقول ها هي الشمس في قبة السماء و عندما نشعر بدفئها نقول, إنها الشمس, و عندما نرى من خلال نورها نقول, ها قد أشرقت الشمس. غياب أي عنصر من هذه العناصر الثلاث, الكوكب, و الدفىء, و النور, يعني أن الشمس لم تبقى الشمس, فإما الثلاث مجمعين و إما فإن ما نراه أو نشعر به ليس الشمس
النور, الكلمة المسيح, مساوي لللآب في الجوهر مثلما نقرأ في فيلبي 2: 6 – 11

"الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ. لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ."

لهذا السبب يستفيض الكلمة عن علاقته بالآب خالق العالم أو الكون, إنه نور العالم, نور الكون لأن أباه هو خالق العالم, خالق الكون
في بداية تحضيري للنص, شعرت بقليل من الاتباك و لذلك لأنني اخترت أن أتكلم عن مفهوم النور و اخترت هذه الآية من شهادة يوحنا, لكن الكلمة توقف عند هذه الجملة ليعلق على اعتراضاتهم. لكنه كما تبين لي في النهاية أن كل شرح الكلمة كان لتوضيح كيف أنه نور للعالم, لأنه مساوي لأبيه خالق العالم في الجوهر.هذه هي الصورة الكبرى لبنية النص, كما قلت سابقاً, الكلمة يستهل, يسمع الاعتراض, يمشي مع الاعتراض ليعود إلى الاستهلال الأول, أنه نور العالم. سبب تأكيدي أن يسوع نور العالم من خلال كلماتي: أنه نور الكون, هو التركيبة اللغوية باليونانية لهذه الآية

Ego Heimi To Phos Tou Kosmou, akolouthon emoi hou mei peripateisei en tei skotia all exei to phos teis dzoeis.

و حرفياً: أنا أكون نور الكون, أياً كان من يتبعني فلن يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة. حقاً إن هذه الآية تغير من حياتنا. لاحظوا يا إخوتي ما يقوله الكلمة. هو النور. و أياً كان من يتبعه, من أي بيئة أو خلفية أو احتياج, يكون له النور أو يحصل على النور, الذي هو الكلمة يسوع المسيح. أياً كان من يتبع النور, لا يمشي في الظلمة بل يكن له الكلمة: النور, الراعي الصالح, الطريق و الحق و الحياة, الحرية, ماء الحياة, الخبز النازل من السماء, الباب المودي للخلاص, القيامة و الحياة, كل هذا يكون لك إن تبعت الكلمة النور المسيح. من يوحنا 1: 4 : "فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ "
معروف جداً يا إخوتي أن العين البشرية ترى فقط من خلال النور. لا يوجد نور, لا يوجد رؤيا, بل ظلمة بحتة, و الظلمة هي موت. الميت لا يرى. أي كان من يمشي وراء الكلمة النور فليس في ظلمة, ليس في موت بل في حياة. و ليس أي حياة, بل في الحياة التي يمنحها و يفديها الكلمة النور.الفريسيون موتى, لذلك لا يمكنهم أن يروا أن يسوع هو الكلمة النور. فيسوع بالنسبة لهم هو يسوع ابن النجار, لكن يسوع بالنسبة للذي يشرق في داخله النور هو الكلمة ... الله
الآن, عندما نقول أن الكلمة هو نور العالم, و نحن نعلم أن العالم في ظلمة, في موت. فما معنى إذاً: يسوع نور العالم
يسوع نور العالم يعني
أولاً: أن العالم لا يملك أي فرصة للإنارة و بالتالي الحياة إلا بيسوع, و بيسوع فقط. إما نور في المسيح أو ظلمة في العالم. و لا يوجد خيار ثالث
ثانياً: كل العالم بحاجة للنور لأنه لا أحد يبغي الموت. لكن ليس كل العالم يرى أن في الكلمة حياة
ثالثاً: كون أن الكلمة هو النور و كون أن كل ما خُلق كان من خلال الكلمة "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ ", فإن هذا يعني أن العالم خُلق ليشع فيه النور. العالم تحت سلطان النور مصدر الحياة الوحيد للعالم. خلق الله العالم ليسكب فيه من نعمته المنيرة. و هذا يعني أنه إن كان أحد ليس في النور, فهو لا يرى العالم على حقيقته. كون الغبار قد كُنّس تحت المقعد, هذا لا يعني الغبار أصبح خارج المنزل. من 1كورنثوس 2: 26 : " فَانْظُرُوا دَعْوَتَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنْ لَيْسَ كَثِيرُونَ حُكَمَاءَ حَسَبَ الْجَسَدِ ". من 2 كورنثوس 1: 12: " لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ "
رابعاً: أنه سيأتي اليوم الذي سيُغمر به كل العالم من نور الكلمة. متى؟ قريباً. هكذا يعلمنا الكتاب المقدس

الكلمة يسوع هو رسم جوهر الآب و بهاء مجده و سيأتي اليوم الذي سيمتلىء كل العالم من نوره, سواءاً أشاء العالم أم أبى, لأن من كان في ظلمة و ميتاً هو دوماً تحت سلطان معطي النور, الحياة. نور السراج يكشف ما كان ضائعاً, و عندما يوقد السراج, نرى الغرفة على حقيقتها. أرجو ألا تستجيب بأنك لست بحاجة للنور لترى فوضوية الحياة. عدم رؤيتك للزجاج المحطم على الأرض لا يعني أنه غير موجود. و إن استمريت بالعيش من دون النور فسيأتي اليوم الذي تطأ في الزجاج و قد يودي بك إلى الوقوع و الحطام
يقول الرسول بولس في أفسس 1: 18: " مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ "
من خلال تأملاتنا في مفهوم, هو نور العالم, نرى الخبر السار مرة الأخرى يفيض من النور. و الخبر السار هنا و اليوم أننا لسنا بحاجة لنحرق أي سراج لنرى, لأن الكلمة احترق على الصليب ليعطينا النور. اشتعل الله على الصليب لكي نرى جيداً إناء حياتنا المكسور, الذي نحن كسرناه. إن كانوا يلفون في أيام المسيح خرقة بالية على عارضة من خشب ليغمسوها في الزيت و يشعلوها, فإن الكلمة لف جسده على الصليب و احترق و قُدم أمام الله رائحة طيبة, كبخور صاعد ليكون لك نور ترى به ما كسرت أنت
في الوقت الذي كان الناس يعقدون الخرقة جيداً على العارضة كي لا تسقط, فإن الكلمة عانق الصليب الخشن بل و احتضنه و سمر نفسه عليه بصدىء الحديد كي لا يسقط, بل و توج بالشوك لينزف الدم من الرأس و العين و تشتعل آخر قطرات دمه كي يعطيك نوراً أسطع. إعطاء نور الحياة ليس فقط لكي ترى ما كسرت أنت, بل كي تتبعه إلى حياة أبدية عوضاً من السقوط في بقعة مظلمة اسمها مجرور الجحيم. فإن لم يكن من عُلق على الصليب هو من الآب خالق الكون, و مساوي له في الجوهر, فلن يكون نوراً للعالم. هذا هو معنى "يسوع نور العالم."
و فجأة بعد كل هذا الوحي الإلهي في شخص الكلمة نسمع النشاز " أَنْتَ تَشْهَدُ لِنَفْسِكَ. شَهَادَتُكَ لَيْسَتْ حَقًّا." من أين أتى هذا النشاز؟ أتى النشاز من اقتباس الفريسيين لجملة ليسوع خارج سياقها و كان ذلك من يوحنا 5: 31 حيث قال يسوع: " إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقًّا ". بتذكر الفريسيين لهذه الجملة التي قالها يسوع, يستخدموها للاعتراض على قوله أنه نور العالم فيقولون: ها هو, إنه يشهد لنفسه على أنه نور العالم, ها أقد أمسكناه من لسانه أنه يناقض نفسه فهو الذي قال أنه لا يشهد لنفسه و هو الآن يشهد لنفسه, أنه نور العالم, فلا يمكن أن يكون النور لأنه يناقض نفسه
لكن ما كان قصد يسوع في سياق يوحنا 5: 31؟ قراءتنا لذلك النص توضح لنا مقصد يسوع و هناك كان يقول شيئاً مشابهاً للتالي: إن كنت أشهد من نفسي و إن ادّعيت ما أكون بدون أي ارتباط بالآب فلست حقاً. هذا كان سياق تلك الآية لكن كل هم الفريسيين هو سماع ما يريدون و ليس سماع الحقيقة. و أنا أشبه ما جرى بالحادثة التالية
تسمعني أنت البارحة أتكلم مع أحد الأشخاص و أقول: "أنا لا استعمل كلمة البيل". و اليوم أراك في نفق غارقاً في الظلمة و لا تعلم في أي اتجاه تذهب و آتيك أنا و في يدي بيل كشاف ساطع و أقول لك: خذ هذا البيل لأنه سيساعدك على إيجاد الطريق. و أنت تنظر إلي و تصيح في وجهي: ها قد استعملت كلمة "بيل" و البارحة قلت إنك لا تستعملها فأنت تناقض نفسك و لا تريد مساعدتي و لا تملك بيلاً أصلاً
ماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني
من الممكن شرح الموقف و القول: اسمع, البارحة كنت أتكلم مع شخص أخبرني أن البيل هي الكلمة المستعملة للبطاريات و قلت له أن لا استعمل كلمة بيل لأعني بطارية...فأنت يا عزيزي لم تكن تسمع ما قلته في سياق الحديث بل سمعت ما أردت أنت أن تسمع, فأنا لا أناقض نفسي
إذاً من الممكن شرح الموقف هكذا. لكن الخطب جلل و الانسان أمامنا تاءه و قد يقضي جوعاً في أي لحظة و أنا لست بجانبه طول الوقت فلن أشرح بل سأقول: هذا الذي في يدي اسمه "بيل", و أنت بحاجة لمن ينقذك و يخرجك, خذ البيل! خذ البيل بحق السماء! أنت بحاجة للنور لتعيش, اتبع النور
هذا النشاز سخيف و ليس له مكان على أي مدرج لأن الفريسيين واقفين أمام الله الحي و نوره محترق يسطع ليعطي حياة لكل من هو أعمى. لم يكن الفريسيين بحاجة إلى العودة إلى يوحنا 5 : 31 ليوضحوا مقصد يسوع هناك. ما احتاجوه كان عيوناً ليروا, عيون أذهان مستنيرة, مثلما يقول الرسول بولس في 2 كورنثوس 4: 3- 6
"وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ. فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ. لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ:«أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ»، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ."
نور المسيح, النور الذي هو المسيح, هو نور الله الذي ينعكس على شبكية روح الإنسان. أنت لا تستدل على النور, أنت ترى النور و منه تستدل على منبعه. فأنت لن تصل إلى منبع النور إلا إن مشيت في النور و وصلت إلى المصدر و هذا هو الخبر السار, أن المسيح يحترق لأجلك لينير الطريق الضيق الموصل إلى الآب. فإما أنت مبصر أو أعمى

Saturday, October 29, 2011

أنا و الآب واحد, الجزء الثاني

يوحنا 10
وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ شِتَاءٌ. وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ، فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا». أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ
فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:«لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا» أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لأُولئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللهِ، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ، فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالَمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ اللهِ؟ إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ».
فَطَلَبُوا أَيْضًا أَنْ يُمْسِكُوهُ فَخَرَجَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَمَضَى أَيْضًا إِلَى عَبْرِ الأُرْدُنِّ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ فِيهِ أَوَّلاً وَمَكَثَ هُنَاكَ. فَأَتَى إِلَيْهِ كَثِيرُونَ وَقَالُوا:«إِنَّ يُوحَنَّا لَمْ يَفْعَلْ آيَةً وَاحِدَةً، وَلكِنْ كُلُّ مَا قَالَهُ يُوحَنَّا عَنْ هذَا كَانَ حَقًّا». فَآمَنَ كَثِيرُونَ بِهِ هُنَاكَ


نتمم اليوم: أنا و الآب واحد. لاحظوا يا إخوتي كيف يسوع يقدم لنا هذه الحقيقة. يقدم لنا يسوع هذه الحقيقة, أنه و الآب واحد, من خلال عمل الله في حياتك. لا يشرح لنا يسوع, الابن, علاقته بالآب بتجرد و بتفلسف و لا يستعمل أي مفردات بشرية فلسفية استعملتها الكنيسة الأولى. يسوع يقول لنا اليوم أنه هو و الآب واحد من خلال هذا الرابط الإلهي الذي يحرسنا و يسور حياتنا. لا نسمع كتاب الأناجيل يستعملون أي لغة مثل: الطبيعتين, الاستحالة,,, و مثل هذه العبارات التي استعملتها الكنيسة الأولى لسبر غور الله للحصول على الحقائق الإلهية الخلاصية. لكن يسوع شرح لنا بتعليمه عن حقائق الخلاص من خلال ما يفعل الله في حياتنا. الابن و الآب واحد و أصدق رؤيا لنؤمن أن الابن و الآب واحد هي من خلال عمل الابن و الآب لبنيان حياتنا و لتسويرها: كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ
إن ما رأيناه في آلام الرب كان يخبر أن عمل الله كان أنه وضع نفسه بينك و بين رصاصة الموت و سهام الشرير. هكذا يشرح يسوع اللاهوت. هل تريد أن تفهم حقائق الخلاص و عمل الله و جوهر و ذات الله, هذا الأمر متعلق بأين تقف في الحياة, أن تقف بين يدي الآب و الابن بقوة رباط الروح. يسوع يشرح اللاهوت بطريقة مرتبطة بحياتك و مغيرة لحياتك
أعتقد أن هذا الأسلوب في هذا المكان من الخبر السار لشرح علاقة الابن بالآب هو أوضح أسلوب, الآب و الابن واحد و أصدق رؤيا هي من خلال عمل الآب و الابن لخلاص الخروف القابع بأمان بين يديهم. إذاً يا إخوتي, جواب يسوع المباشر لتساؤلات الفريسيين الذين أرادوه أن يقول جهراً إن كان هو المسيح, جواب يسوع هو:نعم. هو المسيح الذين ينتظروه بل و أكثر لأنه ليس هو المسيح بحسب رأي بعضهم, المخلص الجبار و القهار, بل هو راعي النفوس العظيم, مخلصها, فاديها و أسقفها
لكن ماذا كان رد الفريسيين ليسوع: الرجم و القتل لأنهم أناس لديهم القدرة أن يفهموا و لكن لا يريدون أن يصدقوا و فيهم قال يسوع سابقاً: «لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ».فَسَمِعَ هذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، وَقَالُوا لَهُ:«أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضًا عُمْيَانٌ؟» قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَانًا لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّةٌ. وَلكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ، فَخَطِيَّتُكُمْ بَاقِيَةٌ
اليهود فهموا أنه من كلام يسوع, يسوع, الابن, يساوي نفسه بالآب. أنا أتفق, أن كلمات يسوع تودي بنا إلى هذه الحقيقة, أنه مساوي للآب, لكني أختلف أنه ليس تجديف بل الحق. فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضًا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي. بِسَبَبِ أَيِّ عَمَل مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» أَجَابَهُ الْيَهُودُ قَائِلِينَ:«لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَل حَسَنٍ، بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ، فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلهًا
ليست هذه المرة الأولى التي قالوا بها أنه يجدف. لقد سمعوا و فهموا أخيراً, لكن الفهم عندهم لم يفضي إلى الإيمان به, بل محاولة قتله. يوحنا 5: 18: فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ اللهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللهِ
هذه الآية من الإصحاح الخامس من يوحنا تبرهن أن الفريسيين فهموا كلام يسوع, أنه و الآب واحد, في الجوهر, لأنه تُفهم كلمة أنا و الآب واحد بطرق متعددة. هناك عشرات المعاني لفهم أنا و الآب واحد: أنا و الآب واحد في العمل, أنا و الآب واحد في محبتنا للناس, أنا و الآب واحد في الهدف, خلاص الناس. إن كان مقصد يسوع واحدة من تلك, فنستطيع نحن أن نقول ذلك. نحن نملك نفس الهدف الذي يرسمه الله للعالم, الخلاص, نحن و الآب واحد لأننا نعمل عمله على الأرض... نحن و الآب واحد نحب و نسالم كل الناس بحسب قدرتنا, شهود يهوه يبشرون أنهم يحبون كل الناس لخلاص الناس. يريدون جميع الناس يخلصون و إلى معرفة الحق يقبلون...لكنهم, مثل الفريسيين لا يستطيعون القول أن يسوع و الآب واحد بالمقصد الذي حدده يسوع, أي في الجوهر. لا أحد يؤمن أن الابن و الآب واحد في الجوهر إلا إن كان من قطيع الابن الفادي, و يعيش محبة الآب بقوة الروح
فما الذي فهمه الفريسيون إذاً: أنا و الآب واحد في العمل, أنا و الآب واحد في محبتنا للناس, أنا و الآب واحد في الهدف. كلا. لقد فهموا بالضبط قصد يسوع, أنه و الآب واحد في كل تلك و أنه و الآب واحد في الجوهر. لكن فهمهم أودى بهم لمحاولة رجم و قتل يسوع و ليس الإيمان و قبول ما يقول, مثل البعض الموجودين حولنا, لأننا إن أردنا أن نفهم آية, أو حتى سطر من جريدة, نقول...ممم بعد مرجحة الآية أمام عيني أقول: يوجد عشر طرق لفهم هذه الآية و أنا سأختار هذا المعنى. إن أردت أن تفهم صح, اقرأ الآية و قبلها و بعدها و فتش في الكتب حولها و اسأل أي معنى يريدني الكاتب أن أعرف و عندها إما تؤمن أو لا تؤمن, فأنت حر. يوحنا البشير يقتبس من كلمات التي وصلته من يسوع و يقول أن يسوع قال: أنا و الآب واحد,,,و قصد بها, في الجوهر, الفريسيين فهموا و لم يؤمنوا, ماذا عنك؟ إن آمنت, فأنت ذاك الخروف الذي تكلم عنه المسيح و أنه يضع حياته من أجلك. إن لم تؤمن, فأنك كمن تريد أن تمشي على طريق الحياة حاملاً معك خبيزات و زجاجة ماء تريدها أن تكفيك ل 100 عام
قال الرب يسوع: أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذه جملة لا يستطيع أحد قولها حتى و إن كان واحد مع الآب في الحب, و العمل, و الهدف. من قال هذه الآية هو مساوي للآب في الجوهر لأنه و كان الكلمة الله
يوحنا 5: 19: فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ
يوحنا 8: 58: قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ
يوحنا 12: 41: قَالَ إِشَعْيَاءُ هذَا حِينَ رَأَى مَجْدَهُ وَتَكَلَّمَ عَنْهُ. و هنا يقتبس من إشعياء 6: 8: " قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ " و يوحنا يقول أن ما رآه إشعياء كان مجد يسوع
يوحنا 20: 28 :أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ:«رَبِّي وَإِلهِي!». هل قال له يسوع: لا تتكلم هكذا و تساويني بالله فتجدف؟ لا, بل قال له يسوع :لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا
كل تاريخ الكنيسة يرينا أنه عندما تقرأ الكنيسة من إنجيل يوحنا فهي تؤكد أن اليهود لم يسيئوا فهم مقصد يسوع, لكن ما تختلف الكنيسة مع اليهود و مع المتشبهين فيهم اليوم أن يسوع لم يكن يجدف لأنه ساوى نفسه بالله عندما قال أنا و الآب واحد, بل قال الحق و نحن نؤمن و نعترف أنه هو و الآب واحد في الجوهر
الآن الملفت في الكلمة يسوع, يسوع القول و الفعل, أنه بعد كل هذا الحوار الساخن و اليهود مستعدين بالحجارة ليرجموه لا نرى غضب من يسوع, بل نرى حنية يسوع من خلال هذه الكلمات: إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَالَ أَبِي فَلاَ تُؤْمِنُوا بِي. وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَعْمَلُ، فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِي فَآمِنُوا بِالأَعْمَالِ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا أَنَّ الآبَ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. لا يغلق يسوع الباب في وجه قادة اليهود! بل يوجه لهم دعوة أخرى للإيمان للخلاص و فجأة بعد هذه الدعوة, لا يغلق يوحنا الإصحاح بل ينقلنا إلى الطرف الآخر من النهر, حيث نرى يسوع عائداً, غير يائس من قلة الإيمان, عائداً إلى حيث ابتدأ بالمعمودية لنراه يتكلم من جديد و كثيرون آمنوا به. هنا ينتهي الإصحاح, بالإيمان, و صلاتي أن ننتهي هكذا أيضاً. آمين

Saturday, October 22, 2011

أنا و الآب واحد, الجزء الأول

نص التأمل يوحنا 10: 22 – 30
وَكَانَ عِيدُ التَّجْدِيدِ فِي أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ شِتَاءٌ. وَكَانَ يَسُوعُ يَتَمَشَّى فِي الْهَيْكَلِ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ، فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالُوا لَهُ: «إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا».أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ



في المقطع الذي يسبق هذا المقطع, كان يسوع يتحدث عن كونه الباب الذي تأتي من خلاله الخراف إلى الحظيرة..كان يتحدث عن كونه الراعي الصالح الذي تسمع صوته الخراف و كيف أنه يضع حياته من أجل الخراف...فحدث انشقاق بين اليهود لأنهم لم يفهموا هذا المثل


هذا المثل: يسوع هو الراعي, هو الراعي, و نحن الخراف, يسمى الاستعارة...بلغة الأدب, عندما نقول: نحن الخراف, هو الراعي. هذا يسمى الاستعارة...بسبب هذا المثل و هذه الاستعارة حدث انشقاق بين اليهود الذين قالوا له...قل لنا جهراً...قل لنا,,,باللغة الأصلية, بوضوح, قل لنا بوضوح, نحن لا نحب أمثالك, نحن لا نقدر استعاراتك و محسناتك البديعية, نحن لا نفهم كلامك عندما تتكلم بهذا الشكل, قل لنا جهراً, بوضوح, إلى متى تعلق أنفسنا, هل أنت المسيح
نص اليوم هو جواب لهذا السؤال. السؤال هو: نحن لا نفهم بالأمثال, قل لنا جهراً, هل أنت هو المسيح؟ الجواب: أنا و الآب واحد
كيف أفهم أن: "أنا و الآب واحد" هو جواب لسؤال : " هل أنت هو المسيح"...كيف أربط اليوم كيعقوب و رعية أن: "أنا و الآب واحد" هو جواب ل "هل أنت هو المسيح"...نستطيع أن نقول, يسوع و الآب واحد, بالتالي, هو المسيح
لكن و أنا أحضر لتأمل اليوم, أحسست بأنه كلمة يسوع, و كلمة الآب, و كلمة المسيح, هي أكبر من أن نختصرها بجملة...فمثلما دخل يسوع بحوار ليشرح و يفك جملة "أنا هو الباب"...سندخل نحن في تأملين, اليوم و الأسبوع القادم, لنفك أكثر و أكثر هذا الربط, "قل لنا جهراً" مع "أنا و الآب واحد"...ليكون لنا باسم يسوع وقت أكثر لبركة روحية من خلال كنوزه الكتابية لبنيان حياتنا
قال يسوع: أنا هو الباب, أنا أضع حياتي عن الخراف,,,أنا أضع نفسي من أجل الخراف بين فكي الموت, بل و أكثر, أتألم و أُصلب و أرقد ثلاثة أيام في القبر, أنا لا أضع نفسي بين فكي الموت و حسب بل أنزل إلى أمعاء الموت من أجل خرافي,,,أي نحن...و بعدما أضع نفسي عن الخراف آخُذَهَا أَيْضًا. (لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي) لأجل خطايا الخراف التي حولتها من خراف بيضاء إلى حمراء قرمزية. (و لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا) ليتم الخلاص و ليكون لهم حياة و ليكون لهم أفضل. لكي يتحول الأحمر القرمزي على صوف الخراف إلى وسمة صليب يخبر كم عمل هذا الراعي لأجل الخراف, (هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي). و عندما تسمع الخراف صوت الذي وسمهم و كللهم بصليبه, ستتبعه, و في النهاية سيصبح العالم أجمع في آخر الأيام موسوماً بالصليب, فرحاً بالقيامة, سواءاً أشاء العالم أم أبى, لأننا لا نتكلم عن أي راعي, بل راعي النفوس العظيم و أسقفها
يسمع الفريسيون في ذلك الزمان و فريسيون أيامنا الحاضرة و يقولون: " هذا الراعي يهذي, لماذا تستمعون له؟" هذا الشخص يهذي, أي بلغة اليوم: مضروب الجواني تبعه
طبعاً هذا الرد من الفريسيين في ذلك الوقت لقول يسوع هو رد مفهوم. لأن يسوع هو في الجسد فقط بالنسبة لهم , هو لهم ابن النجار فقط الذي يقول: لي سلطان أن أضع حياتي و بعد الموت, عندما أريد, سأقوم...و كان رد الفريسيين لمن كان لهم ابن النجار: هو يهذي
لكن بالنسبة لنا اليوم, يسوع هو الإله المتجسد... عظيم هو سر التقوى, الله ظهر في الجسد, بالنسبة لنا اليوم يسوع هو راعي نفوسنا و أسقفها
نقبل الآن إلى كيف نربط: "قل لنا جهراً هل أنت هو المسيح" كيف نربط هذا السؤال بجواب يسوع: "أنا و الآب واحد".
دعوني أحاول أولاً أن أقدم لكم كيف أنا أرى يوحنا اللاهوتي يضع و يكتب في هذا الإصحاح لنفهم بنية النص أولاً, لنأخذ منها بنيان لحياتنا
أنا هو راعي الخراف العظيم o
أنت تهذي لماذا نستمع لك o
عوضاً من أن ينصرف بعد الشتيمة و هو الابن, الذي به الحياة و هو نور الناس, نور العالم,,,عوضاً من أن ينصرف بعد الشتيمة, صار oجسداً,,,ليس أنه صار جسداً بالحرف بل صار جسداً بالفعل,,,لأنه, بعدالشتيمة, عوضاً من أن ينصرف, كان يتمشى في الهيكل!! الإنسان العاقل بعد أن يهان, يقول أحسن شيء, أكسر الشر و أمشي...هذا الإنسان العاقل, بعد أن يهان يقول: أحسن شي أمشي. لكن الإنسان الذي هو من الله, أي الإنسان ليس العاقل بالجسد بل عاقل بالروح أولاً ثم الجسد يقول: سأجرب مرة أخرى عسى و لعل. الإنسان العاقل بالروح يقول: سأجرب مرة أخرى أن أحمل الصليب مع هؤلاء. عوضاً من أن ينصرف بعد الشتيمة "لأنه قال أنا هو الراعي", يبرهن يسوع أنه راعي الخراف العظيم لأنه, كونه الراعي, لا ينصرف بسبب رائحة الخراف النتنة, لا ينصرف بسبب الشتيمة بحسب جهل الخراف, بل يتمشى مع الخراف بحسب محبته للخراف النتنة و الجاهلة

إذاً: أنا هو راعي الخراف العظيم,,, - أنت تهذي, - عوضاً من أن ينصرف يبرهن بمحبته للخراف الجاهلة: أنا هو راعي الخراف العظيم
يقولون له: إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا o
يخبرهم أنه هو و الآب واحد o
6.يرفضوه و يحاولوا قتله لكنه لا يسمح لهم بقتله لكي يعطي لنفسه فرصة و وقت أطول لكي يعلّم أكثر عسى و لعل أن نفهم و نقبل إليه o
الكثير بعدما يقرؤون هذا الإصحاح, يشعرون بكراهية الفريسيين ليسوع و لكن الملفت أنه لم ينتهي الحوار و التهديد بأن يسوع ذهب و تفادى الموت في تلك اللحظة, لكنه انتقل إلى أطراف نهر الأردن, إلى المكان الذي اعتمد فيه, إلى البداية من أول و جديد,,, فآمن به كثيرون هناك....ثم انتهى الاصحاح
بينما نحن اليوم نمشي في جواب يسوع: "أنا و الآب واحد" لسؤال". "إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً ", سنركز على نقتطين أساسييتين اليوم, و في الأسبوع القادم سنكمل بنقطتين ثانيتين متممتين
اليوم: بعد هذا الشرح, أريدك أن تسأل نفسك سؤالين
الأول: من هو المسيح. و هل من فرق إن سألت و قلت: من هو المسيح, و, من هو المسيح بالنسبة لك
الثاني: كيف " من هو المسيح بالنسبة لك" يؤثر في بنيانك بالروح من خلال نعمته لأنه و الآب واحد برباط الروح

السؤال الأول: من هو المسيح... ليس الجواب في كلمتين...ليس, لا تسأل لأننا نعرف,,,أنتم تعرفون المسيح, لكن لا تعرفون "كل المسيح". في كل مرة تقرأون عنه و تختبروه ستجدون الجديد. لأَنَّهُ لَيْسَ كَلِمَةٌ فِي لِسَانِي، إِلاَّ وَأَنْتَ يَا رَبُّ عَرَفْتَهَا كُلَّهَا. مِنْ خَلْفٍ وَمِنْ قُدَّامٍ حَاصَرْتَنِي، وَجَعَلْتَ عَلَيَّ يَدَكَ. عَجِيبَةٌ هذِهِ الْمَعْرِفَةُ، فَوْقِي ارْتَفَعَتْ، لاَ أَسْتَطِيعُهَا. لا أستطيع احتواءها...هو فوق كل الغنى
من هو المسيح. في الحقيقة, هذا السؤال خاطىء لأننا لا نستطيع سؤال من هو المسيح بشكل متجرد. لكن نستطيع سؤال من المسيح بالنسبة لي. أستطيع أن أقول بتجرد نسبي موضوعي من هو فلان, من هو فلان...إلا المسيح...لا أستطيع السؤال من هو المسيح بتجرد...عليّ أن أختبر المسيح قبل الإجابة,,,و عندما أختبر المسيح بشكل شخصي و من خلال جماعة الإيمان, أستطيع الإجابة بشكل ذاتي...فيصبح السؤال: من هو المسيح بالنسبة لي
الفريسيين كانوا بقصد معرفة من هو المسيح....لم يفهموه, لم يفهموا أمثاله و استعاراته التي تجيب عن سؤال...من هو المسيح بالنسبة لك. عندما يقول المسيح أنا هو الباب, أنا هو الراعي....راعي من,,,الباب لمن؟؟؟ لك
لو لم يعش يسوع 33 سنة بل عاش 2033 سنة لما فهمه الفريسيون حينئذ و اليوم...السؤال الفريسي كان على لسانهم عندما قال يسوع: أنتم من أسفل, أما أنا من فوق فسألوه من أنت. فأجاب: أَنَا مِنَ الْبَدْءِ مَا أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِهِ.إِنَّ لِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةً أَتَكَلَّمُ وَأَحْكُمُ بِهَا مِنْ نَحْوِكُمْ، لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي (لكم) هُوَ حَق. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ

لا أستطيع أن أسأل من هو الله...لا أستطيع أن أقول الله (نقطتين فوق بعض):... لكن أستطيع أن أسأل: من هو الله بالنسبة لنا...هذا هو السؤال الصحيح. قال الجاهل في قلبه ليس إله. المؤمن يستطيع أن يسأل من هو المسيح بالنسبة لي: هو الراعي, هو الباب, هو المخلص, هو الفادي, هو الحبيب, هو الألفا و الأوميغا, الألف و الياء, البداية و النهاية. معه أبتدي و بين يديه أستودع روحي سواءً الآن أو غداً, من صحة أو مرض, من فقر أم غنى, المهم هو بدايتي, ملك حياتي, و هو نهايتي مثلما يقول المرنم: أنت ابتهاجي منيتي قصدي. هذا هو المسيح بالنسبة لي: مصدر ابتهاجي في بداية حياتي, أمنية حياتي على طول الأيام, قصدي و القصد يعني نهاية الرحلة, مقصدنا هو حياة أبدية معه
من هو المسيح بالنسبة لنا؟ الخراف تسمع صوته و تعرفه لأنها مرتبطة به. من هو المسيح بالنسبة لها؟ هو الراعي الصالح. من هو المسيح بالنسبة للذئاب الخاطفة؟ هو الذي "يا ريت ما كان سهران على الخراف حتى نفترسها." من هو المسيح بالنسبة لك؟ هذا هو السؤال
على العموم, سألوه قل لنا جهراً, من أنت. فقال و أجاب. إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي
إني قلت, و الأعمال التي أنا أعملها
و هنا ننتقل للسؤال الثاني و الأخير اليوم: كيف " من هو المسيح بالنسبة لك" يؤثر في بنيانك بالروح من خلال نعمته لأنه و الآب واحد برباط الروح
الجواب: يؤثر المسيح بالنسبة لنا, يؤثر فينا من خلال نعمته لأنه هو و الآب واحد
يسوع المسيح بالنسبة لنا, الكلمة الذي صار جسداً, هو يسوع المسيح الكلمة الأقوال, و الكلمة التي تفعل أفعال و آيات و معجزات و تغير و تحرر و تشفي و تعتق و تحيي. لا فصل بين هذين الجانبين بالنسبة لنا. الكلمة الذي قال كن فكان, و الذي شفى الذي تشوه مما كان
إن قرأنا متّى 4: 35- 9: 35 نروى متّى يكتب عظة على جبل ثم عشر معجزات. لم يتكلم أحد قط مثله, لم يفعل أحد قط ما يفعل...و بكل بلاهة يسأل الفريسيين: قل لنا جهراً....ما قال و فعل. قل لنا جهراً...حسنا, أتريدون المزيد, إليكم المزيد...و في هذا المزيد نختم تأملاتنا اليوم بهاتين البركتين على موعد مع تكملة النص الأحد القادم
المزيد: كيف " من هو المسيح بالنسبة لك" يؤثر في بنيانك بالروح من خلال نعمته و محبة أبيه و شركة روحه؟
وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ
لاحظوا معي: الآب الضابط الكل, السيد على الكل, يعطي الخراف من يده إلى يد الابن فادي الكل. لكن عندما يقول أنا و الآب واحد يصبح التشبيه أن يد الآب و يد الابن يحيطان بك. يا خروف, لا أحد يستطيع أي ذئب أي يخطفك من يد الآب و الابن معاً لأنهما متماسكتان برباط الروح حولك... حتى تصل مخالب الذئب, حتى تصل مخالب الألم إليك في هذه الحياة, عليها أن تجرح أولاً و تنهش في رباط الروح, و عليها أن تقرح و تقتطع من أصابع الآب و الابن حتى تصل إليك
بما أنه لا أحد فينا يعيش دون ألم المخالب, و بما أن المؤمن فينا هو بين يدي الآب و الابن اللذان هما واحد برباط الروح, فالمخالب وصلت ليد الله قبلك, الله نزف قبلك. الله يتألم و ينزف من أجلك. الله يتألم من أجل شعبه
إن وصلت إليك المخالب و نالت منك في هذه الحياة, فإن يد الآب و يد الابن و رباط الروح التي تقطر دماً ستحملك إلى مكان أفضل, إلى مكان لن تصل إليه مخالب, لا يكون فيه موت, سترفع بك إلى حيث يبقى الموت و الشر و الألم أسفلاً, يعوي ناظراً إلى من لم يعد بالإمكان افتراسه, و سيمسح الرب كل دمعة
هذا هو المسيح بالنسبة لي, و هو و الآب واحد. قبل أن تفكر بأن تجهش بالبكاء عن أي شخص, ابك أولاً عن يد الله الحارسة و المسوّرة لك, التي لا ذنب لها سوى أنها خلقتك و لحقت بك لتحميك حتى من نفسك

Sunday, October 16, 2011

لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ


نص التأمل فيلبي 1: 20- 23
حَسَبَ انْتِظَارِي وَرَجَائِي أَنِّي لاَ أُخْزَى فِي شَيْءٍ، بَلْ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ كَمَا فِي كُلِّ حِينٍ، كَذلِكَ الآنَ، يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ. لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. وَلكِنْ إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا

ما هو تعريف الفرح المسيحي؟ أولاً دعونا نعرّف الفرح: الفرح هو إحساس يغمر الإنسان نتيجة تمتع الإنسان بمصدر ثمين أو منبع ثمين يعطيه الاكتفاء. و قيمة هذا المصدر تتكشف و تُكرّم و تتعظم عندما أصرح بفرح أن هذا المصدر يعطني الاكتفاء
مثال: كونني ابن في عائلة, الفرح الذي تعطيه عائلتي لي يترجم... بأن عائلتي هي مصدر ثمين لي, أو منبع ثمين لي, و هذا المصدر, الذي هو أسرتي, يزودني بالاكتفاء, و أنا بالتالي أكرّم أو أعظّم عائلتي عندما أصرح لها أنها تعطيني الاكتفاء
إذاً: الفرح هو إحساس يغمر الانسان نتيجة تمتع الانسان بمصدر ثمين أو منبع ثمين يعطيه الاكتفاء. و قيمة هذا المصدر تتكشف و تُكرّم و تتعظّم عندما أصرح بفرح أن هذا المصدر يعطني الاكتفاء
الآن, نحن نعيش في عائلة أكبر من عائلاتنا , هي عائلة جسد المسيح. كون أن الله هو المصدر الذي به نحيا و نتحرك و نوجد, و كون أن الله مرتبط بنا من خلال أنه آب محب لنا و ابن فادي لنا و أنه روح معزي لنا, و كون أن الله بهذا الشكل القريب للانسان هو بنفس الوقت خالق عظيم , خالق السموات و الأرض نعرف الفرح المسيحي بالشكل التالي
الفرح المسيحي: الله يتعظم فينا عندما نكون مكتفيين به فوق أي شيء آخر
الفرح المسيحي هو ترنيمة الأطفال: قلبي فرحان لأني ماشي مع يسوع
إن كنتم ستسألوني عن أكثر مقطع في الكتاب المقدس يتحدث عن المعنى الحقيقي للفرح, أكثر مقطع يقول لنا أن الفرح هو: تعظم الله فينا يتحقق عندما نكون متكفيين بالله الآب في شخص المسيح و قوة الروح, أكثر مقطع يتحدث عن الفرح المسيحي و الاكتفاء المسيحي, سأنصح بفلبي 1: 20 – 23
في المقطع الذي قرأناه من فيلبي, يتبين ما هو الهدف الذي رسمه الرسول بولس لحياته. الهدف الذي رسمه الرسول بولس لحياته هو أن يتعظم المسيح في جسده,أي: كل ما يتكلم, كل ما يعمل, كل ما يشعر, كل خطوة في حياته, كل نبضة في جسده يجب أن تعظم المسيح

بمعنى: كون أننا قنوات لمحبة المسيح في العالم, فكل تصرف أقوم به, عليّ أن أجعل يسوع المسيح يطل إلى العالم من خلالي على أنه أحلى من أن يقاوم, أثمن و أشهى من أن يقارن, أعظم و أغلى من آلهة العالم. هكذا أكرّم المسيح, هكذا أعظّم المسيح. و هذا الهدف هو الهدف الذي يريده الله للعالم, أن يتمجد المسيح فينا و من خلالنا
عندما يتمجد أو يتعظم المسيح من خلال قنواته, البشر, يصبح البشر مكتفيين في المسيح, فيعيشون في فرح لا ينطق به و مجيد, حتى من خلال تعب الدرس, لأني إن درست أكثر, سأنمي معرفتي أكثر, فسأفهمه أكثر, فسألحق به أسرع, فسأطيعه من دون نقاش

الآن, كيف يتمجد المسيح في أجسادنا, في الحياة و في الموت
كَذلِكَ الآنَ، يَتَعَظَّمُ الْمَسِيحُ فِي جَسَدِي، سَوَاءٌ كَانَ بِحَيَاةٍ أَمْ بِمَوْتٍ. لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ
يقول بولس: لأن لي الحياة,,,و ذلك يستجيب ل,,,يتعظم المسيح في جسدي في الحياة
و الموت هو ربح,,, و ذلك يستجيب ل,,, يتعظم المسيح في جسدي حتى في الموت
دعونا الآن نتأمل في هذه العبارة... هذا ما نعمله في هذه الكنيسة, نتأمل معاً, نصلي معاً
بولس يقول: جسدي أنا كإنسان هو حياة و موت. أريد أن أمجد يسوع المسيح في حياتي,,,أي حياتي تعكس عمل المسيح,,, حياتي تعكس أنني فرحان في المسيح لأن لدي شبع و اكتفاء في المسيح, مصدر الشبع, الخبز النازل من السماء, الماء الحي, الراعي الصالح, نور العالم

لكن كيف أعظّم المسيح في موتي,,,تعظيم المسيح في موتي, هو عندما أقول, إن متُّ للمسيح فهذا ربح لي...كيف أعتبر أن الموت ربح... أنا أعلم أن الموت هو الحزن, هو الفراق, هو ترك أحبائي وحيداً, هو النهاية, هو نهاية القصة, هو إغلاق الكتاب. كيف يكون الموت ربح؟ كيف أعظم المسيح في موتي و أعتبر موتي ربح
أعتبر موتي ربح في حالة واحدة...عندما أكسب و أربح في الموت ما لا أستطيع أن أكسبه في الحياة

ما هو الذي أكسبه في الموت, الغير موجود في الحياة...؟
إن كنت أكسب الملكوت في الموت, فالرب يقول أن ملكوت الله في داخلكم , الآن و هنا, فما الربح في الموت؟
إن كنت أكسب الفرح في الموت لأني سأنتقل من دنيا الألم إلى دنيا لا يسيل الدمع من العين مقرحاً, فالرب هو اكتفائي الآن, و هو مكفكف دمعي, فما هو الربح في الموت؟
إن كنت أكسب فرح أن أكون مع المسيح في الموت, فالمسيح معي الآن في حياتي, فما هو الربح في الموت؟

الربح في الموت هو أن فرحي الآن في المسيح على هذه الأرض هو معرض للخطية و الألم, بينما بعد الموت, لن يكون هناك دموع,,,لأنني...سأكون مع المسيح بشكل كامل.الآن أعرف بعض المعرفة, و لكن في الحياة الأبدية, سأعرف كما عُرفت. الآن أنظر في مرآة,,,بعد الموت, سأنظر و أتفرس في وجه المسيح.
أنظر في مرآة يعني,,,مثلما أقود سيارة حياتي و أنظر في مراياها,,,, الأجسام أقرب إلى السيارة مما تظهر عليه,,,فأنا معرض للحادث في أي لحظة, لكن بعد الموت, لن يكون هناك مرايا,,,بل عناق حقيقي و ملموس للمسيح, عناق لا يمكن لأي قوة مما في السماء أو على الأرض أن تنزعه

الآن على الأرض, فرحي مع المسيح كامل... لكن بحسب وعيي أنا و مفهومي أنا للكمال
في السماء, فرحي مع المسيح كامل, بحسب تعريف الله للكمال

بولس يتعبر موته ربح, لأنه سيربح المسيح...كاملاً,,,المزامير تقول,,,ذوقوا و انظروا ما أطيب الرب.
أنا على الأرض زقاق ليحمل خمر الرب, أنا إناء خزف يسكب الله فيه من جوهره, لكن في السماء, لن أكون زقاق يحمل خمر الرب فقط, لن أكون إناء خزف فقط, لكنني سأراه بأم العين, سأراه بالألوان و ليس بسوداوية ثياب حياتي الآن, و سأتنسمه في مكان لا يعرف الزكام, و أتذوقه ...شخصي, و سأحصل على المزيد منه
هذا هو ما يقوله بولس الرسول: فقط عند موتي, سأحصل عليه بطريقة لا أستطيعها الآن في جسدي,,,و هذا هو الربح. و عندما أنال هذا الربح,,,سأفرح حتى في موتي, لأن موتي سيكون ربح "كل المسيح." و ليس جزء منه
الموت في المسيح ليس "الخلص" للحياة, الموت في المسيح هو بداية إصحاح ثاني للحياة
عمق بولس في المسيح يأتي في الحقيقة التالية: إن مت في المسيح سأنال ربح أن أعانق المسيح بشكل كامل, و لكن هناك ثمن لهذا الربح: أنني في موتي, سأترك إخوتي, أولادي, أهلي, عملي, نجاحي, لأحصل على "كل المسيح", عمق بولس و تقدم فرح بولس في المسيح هو أنه يريد أن يقول: إن تركي كل مالي ,تركي لأهلي و عملي و نجاحي هنا, لا يقارن ب "كل المسيح الذي سأناله في موتي"
هكذا نفهم: لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ. وَلكِنْ إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا
و هنا نأخذ من فيلبي 1: 20 – 23: ثلاثة دروس


أولاً: الفرح المسيحي الحقيقي في المسيح يعني أنني أرى هذا الفرح و أقول أنه أعظم من أي فرح. (مثال الزهرة). الفرح في المسيح يعني أننا نصعد طلعة الكنيسة لأن صعود طلعة الكنيسة هو مصدر فرح و ليس تعب


ثانياً: كون أن المسيح هو مصدر الفرح من حياة أو موت...يعني أنه على المؤمن الذي هو الآن في الجنة, أي قديس كائناً من كان, عليه أن يقول, أتمنى لو عشت على الأرض و لو دقيقة زيادة ليتاح لي أن أختبر حلاوة المسيح و لو لدقيقة زيادة, بمعنى... عندما أرى ذاك على الصليب لأجلي أنا الخاطىء. أتمنى لو كان عمري أنا القديس في الجنة هو ....حياة أبدية + و لو دقيقة إضافية مع المسيح


ثالثاً: الله الآب الموحى لنا في المسيح و بقوة الروح, أثمن ما في الكون, و كوننا معه, فتعظيمه في حياتنا و موتنا سيعطينا فرح الاكتفاء...مثال درس الكتاب يوم الجمعة المنصرم...حضر درس الكتاب أربع أشخاص فقط...لكن...إحداهم تركت خلفها ثلاث أولاد و زوج و أم متقدمة في العمر لأنها لا تقارن كل هؤلاء بفرح أن تتوحد مع المسيح خلال ساعة وقت. إحداهم تركت كل عملها و مصدر رزقها و كل عجقة حياتها و كل نداء العالم لها من أهل و أقارب من أخ و زوجة أخ و خمس بنات أخ لأنها لا تقارنهم بساعة فرح و اكتفاء مع المسيح. و إحداهم, تركت وراءها التعب و المرض و تركت وراءها زيارات الضيعة و حاجتها لقضاء بعض الوقت لتفكر كيف تدبر من حالها لأن زوجها بعيد لتكون في ساعة فرح حقيقي و اكتفاء مع المسيح. و أحدهم, مع أنه متقدم في السن و منهك بسبب مشاغل الحياة و متطلبات الأسرة من زوجة و أولاد و أحفاد, مع أنه وصل لعمر هو في أشد الحاجة و لو لدقائق ليريح أجفانه بعد الظهر, رأيته يدق درج الكنيسة بقدميه اللتين أثقلتهما السنون بخطى حثيثة بكل فرح غير مقارن أي شيء مما ذكرت بساعة توحد مع فرح المسيح لأنه يرى في المسيح المصدر الحقيقي للاكتفاء. بكل سلطان الكتاب المقدس أقول لهؤلاء: أجركم عظيم في السموات.و الخامس كنت أنا, أصغر الكل في ذلك الاجتماع, فعندما رأيتهم غير مقارنين كل حياتهم من أجل ساعة فرح و اكتفاء شخصي مع المسيح, قلت في نفسي: كنيسة عمار الحصن بخير. و كأن عيونهم لي كانت تقول كلمات بولس الرسول: وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ لذلك أطلب من الذي لا يصلي و أقول له أياً من كان, أقول له,,, أن لا تصلي هو أمر أبلعه, لكن بعدما ما رأيت من أؤلئك الأربع أشخاص, ما لا أبعله أن تقول, أني لا أستطيع لأني مشغول. كل تصرف أقوم به, عليّ أن أجعل يسوع المسيح يطل من خلالي على أنه أحلى من أن يقاوم, أثمن و أشهى من أن يقارن. الفرح الحقيقي بالاكتفاء في المسيح يعني, و إن كنت بسبب إيماني أشحد كسرة الخبز طوال السنة, طوال 365 يوم و 11 دقيقة 24 ثانية, و أتاني الشيطان ليقدم لي 365 خروف محمر و 11 علبة بقلاوة و 24 قنينة سفن أب للتهضيم, أقوله له, آسف هللا سبقتك, لأني الآن أكلت من كسرة خبز المسيح و أعطتني شبع لدرجة أنني أفكر أشارك ما تبقى من كسرة الخبز مع كل أهل عمار....هذا هو معنى. الفرح هو أن يتعظم فيّ المسيح عندما أنال به الاكتفاء. هذا هو معنى: لأنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ

Sunday, October 2, 2011

«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي."


نص التأمل: وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ».». - يوحنا 8

إن أتانا يوماً تساءلنا فيه هل نحن تلاميذ مؤمنين حقيقيين, أو غير مؤمنين, أو نصف مؤمنين, أو مؤمنين مرائين أو مزيفين معتقدين أننا مؤمنين, هذا النص مليء بالحقائق لنا. الكثير من الحقائق موجودة في آية 31 لدرجة أنني لم أستطع أن أتجاوزها من دون التأمل بها بالكامل, و منها أخذت العنوان, إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي. لذلك لم ننتقل إلى الآية 32. اليوم نتأمل في: فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي." و لدي اليوم خمسة أسئلة, و هي الأسئلة الخمس التي اضطررت أنا للأجابة عنها لكي أفهم هذه الآية, أنا بنفسي. الأسئلة هي
ماذا يعني أن أكون بالحقيقة تلميذاً ليسوع؟
ماذا يقصد يسوع بـ"كلامي": إن ثبتم في كلامي؟
ماذا يعني أن أكون "في" كلامه: إنكم إن ثبتم في كلامي؟
ماذا يعني أن أثبت: إنكم إن ثبتم في كلامي؟ ماذا تحمل هذه الكلمة من معاني, أن أثبت؟
ما العلاقة بين "الثبات في كلامه" و "بالحقيقة أكون تلميذاً"؟
أولاً: ماذا يعني أن أكون بالحقيقة تلميذاً ليسوع؟
"فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ: إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي." ماذا تعني عبارة: بالحقيقة تكونون تلاميذي؟ إنها تدل على أن هناك أناس ليسوا بالحقيقة تلاميذه, لكن تلاميذه فقط, يعتقدون أنهم بالحق تلاميذه...كلمة "بالحقيقة" تُترجم أيضاً, في الواقع, أو بجد ...هناك أناس ليسوا تلاميذ ليسوع بجد.و كأن هناك تلاميذ حقيقون و تلاميذ غير حقيقيين. هناك مسيحيين حقيقيين و مسيحيين غير حقيقيين, أعضاء جسد المسيح حقيقيين و أعضاء جسد المسيح الغير حقيقيين. هناك تلاميذ أصيلين و تلاميذ غير أصلين. هناك تلمذة مهتمة بالخارج فقط, ترتدي الصليب خارج الجسد, و هناك تلمذة ترتدي الصليب من الداخل, الصليب في الداخل الذي يغير كل شيء. بمعنى آخر, العالم ليس مقسوم إلى نصفين , الظلمة و النور, بل هو مقسوم إلى ثلاثة أجزاء, الظلمة, و النور الحقيقي, و النور الغير حقيقي المعتقد أنه حقيقي. العالم مقسوم إلى اللا تلميذ, التلميذ الحقيقي أو التلميذ الأصيل , و التلميذ الغير حقيقي. و بالنسبة لي, و ربما لكم, في هذا العمق من العلاقة مع الآب بواسطة الابن و قوة الروح, بهذا العمق نقدر أن نقول أنه من الأسهل و الأكثر جدوى أن يشرق النور في الظلمة, من أن يتحول النور الغير حقيقي إلى نور حقيقي. العالم مقسوم إلى ثلاثة أجزاء: الناس الذين يقولون أنهم غير مستعدين لاتباع يسوع, و الناس الذين يقولون أنهم يتبعون المسيح يسوع و يحملون الصليب لكنهم بعلاقة سطحية معه, و الناس الذين بالفعل يحملون الصليب و يتبعونه.
الآن, لماذا يفتح يسوع لنا هذا الحوار, لماذا يتكلم ما يتكلم... لأن كلامه قد يدعوا للاضطراب, ربما لأننا نريده أن يقول, إن ثبتم في كلامي, تكونون تلاميذي, و ليس, إن ثبتم في كلامي بالحقيقية تكونون تلاميذي. لو أن يسوع قال "إن ثبتم في كلامي تكونون تلاميذي" فهو يقسم بهذا العالم إلى نصفين, الظلمة و النور, ولكان الأمر أسهل للسمع. لكنه قال "إن ثبتم في كلامي, بالحقيقة تكونون تلاميذي" فقسم العالم إلى ثلاثة أجزاء, الظلمة, و النور, و النور المزيف المصنّع. نحن نضطرب لهذا, لأننا سنبدأ بالنظر إلى بعضنا, هل هذا الجالس إلى جانبي في الكنيسة هو من قسم النور الحقيقي, التلميذ الحقيقي, أو من قسم النور الغير المصنّع, التلميذ الغير حقيقي. و الأكثر, سنضطرب لأننا سنبدأ بسؤال أنفسنا, هل أنا تلميذ حقيقي لأن كلام يسوع يسلط الضوء على أنني قد لا أكون حقيقياً كتلميذ, مثلما نقرأ في يوحنا 6: 66: "مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ "
لماذا قال يسوع ما قاله بهذا الشكل؟ الجواب هو في الآية 30, اي قبل هذه الآية: وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. يسوع, مرة جديدة, يرى إقبالاً كبيراً لتعاليمه, إقبال حشود كبيرة, أشخاص كثر لحقوا به, من هؤلاء الأشخاص, من هؤلاء التلاميذ, بقي عند قدم الصليب اثنان, المجدلية, و يوحنا التلميذ الذي كان يحبه يسوع!
كان يسوع على دراية أنه هناك كُثر, و قد يشكلوا الأغلبية, تبعوه لأنهم كانوا يمشون وراء الذين يمشون وراءه و ليس وراءه. كانوا يركضون اقتفاءً لأثره لأن الغالبية كانت تفعل نفس الشيء و ليس لأنهم عرفوه. هؤلاء هم التلاميذ الغير حقيقيين. مثال: في أحد لقطات الكاميرا الخفية التي نراها دائماً على التلفاز, نرى جمعاً من الناس يركضون بخوف في الشارع, و هم الجماعة الممثلة للدور في الكاميرا الخفية, و نراهم و هم يدورون حول ناصية الشارع و هم يركضون بلهاث و جزع, فما كان من صاحب المحل على الناصية إلا و أن تبعهم جارياً, من دون أن يعلم السبب.
هناك أشخاص يحضرون الكنيسة, يوم العيد مثلاً, فقط لكي يتواجدوا في الكنيسة, لأنها عادة عند الناس. هؤلاء هم المجموعة الثانية, هم تلاميذ غير حقيقيين. لذلك فإن يسوع لا يعتبر هذا التلميذ تلميذاً حقيقياً, بل مزيفاً و يخبرنا مثلما يقول سفر الرؤيا 3: 15- 17: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أَوْ حَارّاً. هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ.
أحد مقاصد إنجيل يوحنا هو أن يوضح أن هناك نوع من التلمذة ليست تلمذة, هناك نوع من الإيمان ليس إيمان. إذا قرأنا يوحنا 20: 30 -31, نرى بوضوح مقصد إنجيل يوحنا: وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ (مقصد هذا الانجيل) ...و أما هذه فقد كُتبت لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ.
هذا الإنجيل, كُتب ليس فقط للؤمنين باسمه لكي يتعشقوا أكثر في الكرمة, بل أيضاً لكي يقرأه الغير مؤمنين و ينتقلوا من الموت إلى الحياة, و ثالثاً لكي يستيقظ بعض التلاميذ و يدركوا في العمق أنهم غير حقيقيين و عليهم أن يكونوا بالحقيقة تلاميذ ليسوع لمجد الآب و قداسة الروح القدس.
وجود بعض الجداء في حظيرة المسيح الآن لا يجعل منها خراف, وجود بعض الزوان في الحقل بجانب الحنطة لا يجعل منه حنطة... لكننا نشكر الله في كل حين بأنه يفتح لنا الفرصة دائماً لكي نتحول من زوان إلى حنطة! إنها بالحقيقة لأكبر معجزة, أن يتحول الجدي إلى خروف. أن نتحول إلى تلاميذ حقيقيين, حاملين الصليب منارة للأمم, ناقلين الخبر السار بأننا كنا أبناء الغضب و المعصية و انتقلنا من موت إلى حياة, كنا عميان و الآن نبصر, نبصر أن المسيح هو الحمل الذي يحمل خطايا العالم.
ثانياً: ماذا يقصد يسوع بـ"كلامي": إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي.
إنكم إن ثبتم في كلامي, تكونون ذلك, ما تكلمنا عنه, فبالحقيقة تكونون تلاميذ حقيقيين, حاملين الصليب منارة للأمم, ناقلين الخبر السار بأننا كنا أبناء الغضب و المعصية و انتقلنا من موت إلى حياة, كنا عميان و الآن نبصر, نبصر أن المسيح هو الحمل الذي يحمل خطايا العالم.
ماذا يقصد يسوع ب "كلامه" التي علينا الثبات بها لنكون ما تكلمنا عنه. ما هو كلامه, هل هو كل كلامه, هل "كلامه" هو تعليمه, هل "كلامه" هو جملة معينة تلخص كل كلامه؟ نستطيع أن نلخص هذه النقطة و نقول بأن يسوع يقصد ببساطة خلاصة كلامه, زبدة كلامه. لكن دعونا نقف هنا للحظات.
جوابي عن ماذا يقصد بـ "كلامي" هو يسوع ذاته, يسوع هو زبدة الكلام. كل كلام أو كلمات يسوع, كل ما تلفظ به, خصوصاً في هذا الإنجيل يشير لشخصه. كلمات مثل: أنا خبز الحياة, أنا نور العالم, أنا لست من هذا العالم, أنا الراعي الصالح, أنا الباب, أنا في الآب, أنا القيامة و الحياة... .عندما نجمع كل كلمات يسوع نرى أنها مرتبطة بشخصه, بجوهر من هو. خلاصة كل كلام يسوع هو "ي س و ع", يسوع.
الكلمة المستخدمة باليونانية لكلمة "كلامي" في هذه الآية هي كلمة "Logo" و هي من نفس جذر كلمة "Logos" و التي تعني "الكلمة", و التي هي المستخدمة في مطلع الإنجيل: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ الله." الكثير منا يميز بين كلمة الله و الله, بينما الكتاب المقدس يقول لنا بأن كلمة الله و الله متلازمان و يعنينان نفس الجوهر. هذا ما نقرأ في "1 صموئيل 3: 21: "الرَّبَّ اسْتَعْلَنَ لِصَمُوئِيلَ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ! الله أعلن نفسه بكلمته. إن حاولنا معرفة الله بعيداً عن كلمته, سنجد شخصاً آخر.
إن نطقنا بأن يسوع المسيح هو الكلمة, الله, فنحن نلخص كل رسالة إنجيل يوحنا, و بالتالي فنحن نلخص بشكل أو بآخر رسالة الخلاص في الإنجيل. إن ثبتنا في كلامه, يعني إن ثبتنا فيه. إن لم نثبت في كلامه, فسوف يأتي اليوم الذي يُقتطع فيه الغصن الميت من الكرمة الحي.
ثالثاً: ماذا يعني أن أكون "في" كلامه: إنكم إن ثبتم في كلامي؟
أعطى أحدهم تشبيهاً لكينونة من هو في كلمة الله, المسيح, بالصورة التعبيرية التالية و أعتقد أنها أمينة للكتاب المقدس. أن أكون في الكلمة, يعني أنني داخلها, و كأن الكلمة أصبحت مشبهةً بحقل مغناطيسي له قدر جاذبة تجعلني دائماً مرتبطاً به و غير قادر على الخروج. أولاً: أن أكون في الحقل يعني أنني تابع و تحت سلطة قدرته الجاذبة, القدرة التي تمنعني من الخروج. قدرة هذه الحقل مستمدة من كون أن الحقل هو الله بحق, الله الذي نعرفه بيسوع المسيح. مثلما يقول جبران خليل جبران: "إن أحببت لا تقل أن الله في قلبي بل قل أنا في قلب الله."
ثانياً: أنا تحت قدرة هذا الحقل, هذا الكلمة, بسبب جمال هذا الكلمة الذي يجذبني للداخل, فأنا أسير لجمال هذا الكلمة. هذا الجمال يفوق أي جمال في أي حقل آخر لدرجة أنني أرى جمال أي حقل آخر نفاية من أجل جمال هذا الحقل و مركزه, الكلمة, المسيح.
ثالثاً, أنا في هذا الحقل بسبب قيمة الكلمة الذي هو في المركز, الذي قيمته لا تقدر بأي ثمن, لأن ثمنه تجسد بفداءه لمن لا يستحق. في أحد حواراتي مع أحد الأشخاص, من شهود يهوه, قلت له "كل ما تقوله عن الله, قد يكون صحيح أو دارج تحت المنطق, لكن الله الذي أعرفه في المسيح الذي عُلق على الصليب من أجل الذي لا يستحق, هو أحلى, مثلما يقول المرنم "أحلى من قطر الشهد." لذلك, فقط عندما تخبّرني عن إله أحلى من الذي أعرف, عندها فقط أهتم بالاستماع لك."
رابعاً, أنا في هذا الحقل لأنني فيه أختبر السلام الحقيقي, لأنني فيه لا أشعر بالقلق بل بالسكينة, أتذوق طعام الروح, و أتلذذ بماء الحياة الأبدية, فكيف لي أن أغادر الحقل الذي يطعمني و يرويني و أنا الذي كنت معتدياً و غاصباً و بانياً جدران ثلج حول قلبي, لكن حرارة نعمته أذابتها و كسرتها؟
خامساً, أنا في حقل الكلمة لأن الكلمة نور, يشرق و يغير و يرشد, و يمسك بيدي في الظلمة و يسندني حتى في زمن الشيخوخة و في وقت الضعف.
فكيف لي أن أخرج؟ أنا لا أريد أخرج!...هذا هو تعريف "في" كلامه. أن أكون "في" كلامه يعني أن أكون في حياة أخرى جديدة اسمها, "تلميذ حقيقي."
رابعاً: ماذا يعني أن أثبت: إنكم إن ثبتم في كلامي؟ ماذا تحمل هذه الكلمة من معاني, أن أثبت؟
أن أثبت يعني ببساطة أن أبقى, أظل. أن أثبت في كلامه يعني أن أبقى مرتبطاً بذلك الحقل! لا أدخل حقل الظلمة. أن أثبت يعني أن أبقى و أنا مقتنع بأنني إن تبعت المسيح و كنت تلميذاً حقيقياً, قد يأتي يوم لا أملك فيه حتى فراشاً للنوم, و لكن أستطيع أن أنام قرير العين بسلام, أهنأ من تلميذ مزيف ينام على سرائر الملوك. و إن أتى يوماً لا أستطيع أن أنام فيه, فلأنني لم أستطع أن أنام بل سهرت و أنا أتفرس بجمال المسيح مفكراً, ماذا ينقص بعد لتأدية واجبي كتلميذ حقيقي, مثلما يقول بولس الرسول في كولوسي 1: 24 : "الَّذِي الآنَ أَفْرَحُ فِي آلاَمِي لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِي جِسْمِي لأَجْلِ جَسَدِهِ، الَّذِي هُوَ الْكَنِيسَةُ "

خامساً و أخيراً: ما العلاقة, ما الربط, بين "الثبات في كلامه" و "بالحقيقة أكون تلميذاً"؟
من جواب السؤال الرابع, يخبرنا يسوع أن علامة, إشارة, أو نيشان التلميذ الحقيقي هو الاستمرار, التحمل, تحمل ضيقات العالم و قوات العالم التي تحاول أن تجذبه خارج حقل الكلمة. الاختبار المؤقت للتلميذ الغير الحقيقي, الاختبار المؤقت لحقل الكلمة المسيح, لحقل الخبز النازل من السماء المسيح, لحقل نور العالم المسيح, لحقل الباب المسيح, لحقل القيامة و الحياة المسيح, لحقل الجمال الحقيقي المسيح, الاختبار المؤقت لمن كانت الشمس محرقة له, للبذرة التي فيه, و الشوك خانقاً لها و الصخور القليلة التربة, و الطريق المحفوفة بمخطار أقدام الناس المهشمة للبذرة, هذا الاختبار الموقت ليس اختبار تلميذ المسيح الحقيقي. فلماذا أنا فاتر و أقول أنا حار؟

تعرفون الحق و الحق يحرركم


نص التأمل من يوحنا 8: 30 – 32 : "وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا آمَنَ بِهِ كَثِيرُونَ. فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ»."


تعرفون الحق و الحق يحرركم. هدف العظة الذي أريد أن أصل إليه في النهاية هو أن المسيح فقط هو المحرر الوحيد و الأوحد من كل قيد, بمحبة الآب و قوة و لهيب الروح القدس. تعرفون الحق و الحق يحرركم. إن الحق هو الذي يحرر, و إن كان الحق هو يسوع (كما هو مكتوب: أنا هو الطريق و الحق و الحياة), فيسوع هو الذي يحرر. إنها معادلة إنجيل يوحنا. الحق يحرر. الحق هو المسيح: أن أعرف و أختبر أن المسيح هو الحق, بالتالي, المسيح هو الذي يحرر. المسيح هو معطي الحرية.
لكي أنال الحرية, عليّ أن أعرف أن المسيح هو الحق, لكن ما نوع الحق الذي هو المسيح؟ المسيح هو الإله الحي الآن و هنا, المصلوب لأجلنا, لأجل خطايانا, و المقام لأجل تبريرنا, لإعطائنا حياة أبدية. هذه هي شهادة الكنيسة الأولى, كنيسة الرسل. هذا هو حق المسيح. إن لم نعترف أن هذا هو الحق, فلن ننال أي حرية.
قبل أن نتخبر هذا الحق, أريد أن أبدأ من الحرية لأنها ما يطلبها الناس أولاً. غالباً, في أكثر الأحيان, العالم لا يبحث عن الحق, بل يبحث عن الحرية. ما نراه على التلفاز في سوريا أكبر دليل: البحث عن حرية غير مدعمة بالحق, بالحقيقة, أو البحث عن حرية من دون توجيه الحق, أي مدعمة بالحق, فما نوع الحرية الناتجة:
إذا بحثنا في الانترنت و كتبنا كلمة "تعريف الحرية" سنصل إلى التالي: و بعد كل تعريف سأذكر مأخذ عليه.
أولاً: الْحُرِّيَّة هِي حَالَة الْتَحَرُّر مِن الْقَيُّوْد الَّتِي تُكَبِّل طَاقَات الْإِنْسَان وَإِنتاجُه سَوَاء كَانَت قِيُوْدَا مَادّيّة أَو قِيُوْدَا مَعْنَوِيَّة، فَهِي تَشْمَل الْتَخَلُّص مِن الْعُبُوْدِيَّة لِشَخْص أَو جَمَاعَة، الْتَخَلُّص مِن الْضُّغُوْط الْمَفْرُوْضَة عَلَى شَخْص مَا لِتَنْفِيْذ غَرَض مَا، أَو الْتَّخَلُّص مِن الْإِجْبَار وَالْفَرْض. قال أمير الشعراء أحمد شوقي:و للحرية الحمراء بابٌ بكلِّ يدٍ مضرجةٍ يدقُ.
(مأخذ: من هو الذي يعرّف بأن هذا القيد هو قيد, هل التعليم الإلزامي قيد, أم بركة لطفل من دونه قد يصبح بائع دخان, هل إجباري على دخول امتحان قيادة سيارات قيد, أم ضمان لسلامتي و سلامة الآخر)؟

ثانياً: تعريف خاص من أحد الأشخاص الذي عاش في بلدان مختلفة:
القول بأن حريتك تنتهي عند حدود الآخرين .. غير سليم لسبب لأنك أنت لاتعرف ماهي حدود الآخرين وقد تتعدى الحدود دون أن تدري. و بالتالي, الحريه هى احترام خصوصية الآخر. بمعنى لو حافظة نقوده على المكتب, لا تمد يدك عليها. إن أردت التدخين, استأذنه أولاً إن كان التدخين يضايقه. تحترم رأيه إذا كان يشجع نادي رياضي أو حزب آخر أو يعتنق دين آخر. و بالتالي: الحريه سلوك شخصي فى كل إنسان و هو احترام خصوصية الآخر و عدم التدخل في شؤونه. إذا احترم كل إنسان خصوصيات من حوله من الناس أصبحنا جميعاً أحرار.
(مأخذ: كيف أحترم خصوصية تاجر المخدرات, و بائعات/ بائعي الهوى, و القتلة و اللصوص؟!).
ثالثاً و أخيراً: تعريف آخر للحرية: الحرية هى التعبير الواقعي عن الشخصية بكاملها، فليست الحرية فقط أي تصرف بمعزل عن أي ضغط خارجى مباشر، فهذا ليس إلا الوجه الخارجي للحرية ولكن الحرية بمعناها العميق، هي أن أتصرف بحيث يأتي سلوكي تعبيراً عن كياني كله، وليس عن جزء من شخصيتي يتحكم فـــيّ، دون بقية الأجزاء. (مأخذ: ماذا لو كان كياني فاسداً, هل أنا حر إن كانت حريتي هذه ستودي بي إلى التهلكة؟) هذا المأخذ يذكرنا بما يقوله الرسول بطرس في رسالته الثانية: 2 بطرس 2: 19: "وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا!"
من التعريف الثالث و الآخير, الذي يبدو أنه من التعاريف المناسبة, ننطلق إلى مفهومنا المسيحي للحرية: أن يكون سلوكي تعبيراً عن كياني كله, عندما يكون كياني كله معششاً في كيان المسيح المخلص و المحرر.نحن بأمس الحاجة للحق الذي يحرر, و نحتاج النعمة لنرى أن هذه الحرية في هذا الحق, يسوع, هي الحرية, و غيرها, ليست سوى بخار يظهر في الهواء ثم يضمحل.
يسوع يربط الحرية بالحرية من الخطيئة, لأن الخطيئة هي الظلمة التي تعمينا عن رؤية نور نعمة المسيح التي تجعلنا نرى أنه هو المحرر الحقيقي.منا من يعتقد أنه حر و لا يتحتاج إلى أي تحرر, مثل الموقف الذي يتكلم عنه يوحنا في الإصحاح الثامن: "فَقَالَ يَسُوعُ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ:«إِنَّكُمْ إِنْ ثَبَتُّمْ فِي كَلاَمِي فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ تَلاَمِيذِي، وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». أَجَابُوهُ:«إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ! كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَارًا؟» أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ. وَالْعَبْدُ لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ إِلَى الأَبَدِ، أَمَّا الابْنُ فَيَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا."
ما يقوله يسوع هو أن كل من هو في الخطيئة هو عبد لها. و هذه الخطيئة هي التي تعشش في كيان الإنسان, فينتج السلوك المعوج الذي نتكلم عنه فيما يخص الحرية. مشكلتنا ليست حقيقةً في السلوك بل إن مشكلتنا هي في الكيان الداخلي الذي ينتج سلوكاً معيناً في هذا الموقف أو ذاك. مشكلتنا في الفساد الداخلي الذي يذكره بطرس الرسول في رسالته الثانية. ما يقوله يسوع لنا اليوم هو أن الخطيئة ليست فقط السلوك المعوج, بل هي ما ينتج و يصدر و يصنع السلوك المعوج: نحن نخطىء لأننا خطاة.
يخبرنا بولس الرسول عن اختباره القاسي مع الخطيئة في رومية 7: 14- 15: "فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ، وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ، إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ، بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ ". ببساطة, الخطيئة هي القوة التي تجعلنا نعتقد أن الظلمة هي مشتهيات نعيشها, و أن هذه المشتهيات أحلى من أن نشتهي المسيح. أنا أسلم جدلاً أن الجميع يريد أن يكون حراً و يمارس الحرية, لا يوجد أي شخص يريد العبودية. أنا أريد الحرية, أريد أن أعبر عن رأيي, لا أريد أن أكون عبداً, لأي شيء. أريد أن أعيش رغباتي. أريد أن أمتلك القدرة لتحقيق هذه الرغبات أو المشتهيات, و أريد أيضاً أن أمتلك الفرصة أيضاً ليتاح لي أن أحقق رغباتي بكل حرية بالقدرة التي أمتلكها.
دعوني أعطيكم مثالاً على عيش هذه الحرية: أن أرغب ما أشاء بكل حرية, و أن أمتلك القدرة و المستلزمات لتحقيق رغباتي, و أن يتاح لي الفرصة المناسبة لأعيش رغباتي. كلنا يعرف أو يسمع عن هواية القفز من الطائرة و السباحة بالهواء ثم الهبوط بالمظلة. تعرف هذه الرياضة باسم (Sky Diving). دعونا نتخيل, ما الذي يمكن أن يكون أكثر حرية و أنا أسبح و أغوص في الهواء الطلق المنعش و أعانق الرياح و أحتضن أشعة الشمس من دون قيد.
إذاً, لكي أعيش هذه الحرية الصرفة, عليّ أختار هذه الرغبة, و تتوافر فيّ المستلزمات, و أمتلك الفرصة. و أنا مستقل سيارتي متجهاً إلى مطار الانطلاق, أفاجىء بقطعة زجاج ترطم إطار السيارة و تفجره لينتهي بي المطاف إلى عمود الكهرباء! فقدت إذاً الفرصة لأحقق رغبتي, فلم أعد إنساناً حراً.
لنفترض أنني استطعت أن أصل إلى المطار فتوافرت الفرصة المناسبة لأكون حر و لم يقيدني الظرف و لم يحكمني. لكنني أفاجىء مرة ثانية بأن المشرف على الرحلة لن يدعني أصعد إلى الطائرة لأنني تغيبت عن كل الدروس و الصفوف اللازمة للقفز, ليقول لي بأني لا أعرف حتى كيف أرتدي المظلة لوحدي, لا أعرف كيف أشغلها. ففقدت حينئذ القدرة و المستلزمات لأكون حراً.
لنفترض أنني كنت ملتزماً بكل الصفوف و وصلت إلى المطار و صعدت الطائرة و ارتديت المظلة و عندما فُتح الباب, أُصعق بروعة المنظر المخيف و أنا على ارتفاع شاهق, و يصاب قلبي بالرعب و الشلل مما أرى, فأقرر ألا أقفز و أحقق رغبتي بحرية. و إن دفعني أحد خارج الطائرة, لن أقول أنني كنت أعيش حرية تحقيق رغباتي!
و أخيراً, وصلت إلى المطار فتوافرت الفرصة و كنت ملتزماً بالدروس فتوافرت القدرة و فُتح الباب و نظرت إلى الشمس الغاربة و تنسمت الهواء النقي و أدهشني منظر الأرض البعيدة بخضرتها و وديانها فقلت, يا إلهي, لا أطيق الانتظار, دعوني أحقق رغبتي و أعيش الحرية, دعوني أقفز أقفز. فقفزت.
و أنا معانق هواء الحرية, لا أعلم أن بمظلتي عطل فلن تفتح أبداً لو مهما فعلت. فأفاجىء و أنا بقمة الفرحة بحقيقة اسمها الجاذبية, الصخور الصلبة, الموت, التهلكة. هل كنت حراً؟؟ قد أجيب بنعم. قد أحب العالم الظلمة.
حقيقة, لم أكن حراً. لكي أكون حراً, عليّ أن أحقق رغباتي و أن تتوافر القدرة و أن أُعطى الفرصة, لكن عليّ أن أنتهي من دون ندم أو ألم. عليّ أنتهي بنهاية سعيدة اسمها, الحياة الأبدية. حريتنا من دون المسيح هي كسقوط حر من طائرة بمظلة لن تفتح أبداً. حريتنا في المسيح هي ان نأخذ قراراً, أن نرغب و نمتلك القدرة و الفرصة السانحة لنتعلق بمسامير الصليب الذي هو جسر المسيح إلى الله الآب بقوة الروح, لكي لا نسقط, بل يحملنا رافعين أجنحة كالنسور. عندها فقط يخبرنا الروح القدس بأن نزف أيدينا و أجسادنا بسبب تعلقنا بخشب الصليب الخشن و مساميره الجارحة هي "افتخارنا بالضيقات" لأن هذا الصليب سيطير بنا إلى الآب بقوة و أجنحة الروح القدس القادر ان يرف على وجه أي غمر. الحرية بالمفهوم المسيحي هي أن أفعل ما أشاء فقط عندما أمتلك المحبة و أنا متمسك بالصليب. المحبة في ضوء الصليب هي ضمير الحرية.
المؤسف و المؤلم يا إخوتي هو و أنا على طريق السقوط, أرى حولي إشارات عديدة, أرى: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ ". أرى: " فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا دُعِيتُمْ لِلْحُرِّيَّةِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ. غَيْرَ أَنَّهُ لاَ تُصَيِّرُوا الْحُرِّيَّةَ فُرْصَةً لِلْجَسَدِ." أرى: " أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى." أرى: " فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا، وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ " أرى: " وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ." أرى صليب المسيح جسر إنقاذ و أراه ماداً ذراعين داميتين و أقول, أنا مصر, أريد أن أعيش حريتي, و لن أتأخذ أي قرار بمطلق الحرية أن أتمسك بك. هل كنت حراً أم كنت أقول: عفواً , عذراً , لا أراك؟

Wednesday, October 28, 2009

ذراعي الرب

قراءة التأمل متى 14: 22- 33

لماذا يتمتع البعض بحياة رغيدة أفضل من غيرهم؟
لماذا يأتي الحظ إلى بعضنا و لا يأتي إلى جميعنا؟ على الأقل بنفس المقدار؟
لماذا تعامل الحياة البعض منا بلطف و البعض بقسوة؟

قال لي أحد الأصدقاء عندما كنت في سن الخامسة عشرة أن الحياة تشبه مضماراً كبيراً للسباق , , , مضماراً يختلف قليلاً عن ما نراه في العادة...ففي هذا المضمار الكبير تجري الخيول مع البشر في خانتين متجاورتين, بحيث أن كل جواد يمثل حظ الإنسان في هذه الحياة: الجياد تمثل الحظ أو فرصة العمر. و لكي يستطيعَ الإنسان أن يعيشَ حياةً رغيدة فعليه الجري باتجاه خانة الخيول سابقاً أقرانه ثم القفز من مكانه, أو من خانته ليتعلق بظهر إحدى هذه الجياد من الخانة الأخرى ليحمله بعيداً راكضاً بسرعة إلى السعادة. هذه هي فرصةُ الحياة التي يبحث عنها الكثير ليتغتنموها. و هذه الفرصة نادرةُ الحدوث لسببين: أولاً, لأننا لسنا وحدنا من يركض باتجاه الجياد القليلة و ثانياً, أن الجياد تعدو أسرع بكثير من البشر و القفز إليها أمر شديدُ الخطورة. لذلك, و إن أحسنّا توقيت جرينا و قفزنا فإن هذا لن يحصل لنا أكثر من مرةٍ واحدة في حياتنا, أن نتعلق بحظنا و نخاطر بحياتنا لنبلغ مرادناً

صحيح أن العديد منا يفضلُ أن يعيشَ فقط حياة آمنة و هادئة, و يأخذ كل يوم بيومه و بما تأتيه الحياة. و إن هذا يعاكسُ القصةَ التي رويتها الآن عن جرأة الإنسان المقدام و أخذه بخيار المغامرة و ركوب الخطر ليصنع الأفضل. لهذا السبب, عادة ما يُنظر إلى قصة يسوع و بطرس عندما مشيا على الماء على أنها القصة التي تذكرنا بشجاعة الإنسان الجريء, مثل بطرس, لركوب الخطر, للمضي قدماً في الحياة

كتب أحد علماء اللاهوت كتاباً بعنوان: "إن كنت تريد السير على الماء, فعليك الخروج من القارب." و فحوى الكتاب أننا بحاجة إلى شجاعة بطرس في حياة الإيمان و بحاجة إلى التركيز على شخص يسوع المسيح بغض النظر عن نوائب الدهر التي تلطم وجهنا كموج البحر. الذي يريد أن يعطي حياته ليسوع ليكون ملحاً و نوراً فعليه الثقة بأن يسوع حاضر لخلاصه ,مثلما كان يسوع لبطرس, و بالتالي الخروج من القارب
إخوتي, إن ما يذكره متـّى هو حدث, حدث صريح و معجزة و هي السير على الماء. و كما هي الحال في أية معجزة أو في أي حدث, نستطيع أن ننظر إليها من زوايا مختلفة. كل نص في الكتاب المقدس يقدم لنا ذاته لنراه من زوايا متعددة.
لقد بدأت تأملَ اليوم بشرح أحد الطرق التي نستطيع من خلالها قراءة هذا النص: أي أن ننظر إلى ما يستطيعُ أن يفعلَهُ أو ينجزَه الإنسان في حياته عندما نركز على يسوع المسيح. نستطيع أن ننظر إلى النص من هذه الزاوية, ننظر إلى زاوية بطرس الشجاع. نستطيع أن نقول أن النص يركز على مشي بطرس على الماء لأننا لا نقرأ كل يوم عن رجل مشى على الماء
لكن هل من هناك زاوية أخرى؟ يصور متـّى هذا الحدثَ الفريد و الأول من نوعه بطريقة تدعونا لنحفر أكثر لنرى و نتعلم درساً آخر غير شجاعة الإنسان. أعتقد أن متـّى مهتم أكثر بالحديث عن ذراعي الرب الطويلة التي تستطيع أن تنتشلنا من الغرق.
تبدأ القصة أيها الأعزاء بانتهاء معجزة إكثار الخبز و السمك و صرف يسوع للجموع و التلاميذ أيضاً إلى البحر ليصعد إلى الجبل و يصلي. في كثير من الأحيان يسمح لنا كتّاب الأناجيل بأن نلج صلواتِ يسوع لنصلي معه و نتعلم منه, لكن في هذا المكان من بشارة الإنجيل لا نقرأ ماذا كان يصلي يسوع بالفعل و لماذا انفرد عن الجمع و التلاميذ. و لكن على ما يبدو بأن هذه الخلوة كانت ضرورية لأن يسوع كان يشعر بالألم الشديد و الحزن لسماعه خبر مقتل قريبه, أو ابن خالته يوحنا المعمدان و ربما كان يفكرُ بأن الدور واصل إليه لا محالة. فكان يصلي و يصلي منذ أن صرف الجموع في المساء و إلى حلول الليل, إلى الهزيع الرابع ,أي حوالي الساعة 3 بعد نصف ليل أخذه الوقت ليقول أمين
أما التلاميذ في هذا كل هذا الوقت كانوا منهمكين في النجاة من الموت غرقاً لأن السفينة كانت معذبة بين الأمواج تصارع الموت في خضم البحر و غيوم العاصفة تحجب النجوم و التي هي الدليل. و هنا يكمن السؤال أيها الأحباء. لقد كان يسوع من أمرهم أن يمضوا إلى البحر ليصلي هو على الجبل. فهل تساءل التلاميذ هل كان يسوع سبب وجودهم الآن بين فكي الموت؟
ألم نتساءل نحن في كثير من الأحيان في حياتنا, لماذا أقع في هذا المأزق جرّاء اتباعي لتعاليم يسوع؟
هذا ما كان يدور في أعماق التلاميذ. لماذا نواجه هذا الجو العاصف و نحن لم نعمل سوى إرادة يسوع؟
و في خضم هذا العاصفة, يتقدم على الماء ما يشبه الخيال و الذي زاد التلاميذ اضطراباً و هلعاً فقد كانوا يصرخون من شدة الخوف. لكن هذا الشخص قال: " تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُو"ا
كل ما أراده التلاميذ هو الخلاص و لقد أتاهم الخلاص على الرغم أن كلَّ ما اختبروه كان صوتاً, صوتاً فقط فهم لم يميزوا الشخص و ظنوه خيالاً. و هذا الصوت, هذا الكلام, هذه الكلمة, (تشجعوا) كانت الخلاص...لم تنشق السماء, و لم يطر القارب فوق العاصفة لموقع آمن. كان خلاصهم بضع كلمات سمعوها من شخص لم يروه. " تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا " هذا كان خلاصهم و هذا هو خلاصنا. تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا لأني هنا.
متى ما تكلم الله, خلصنا.
نعم. كم من مرةٍ في حياتنا واجهنا صعوبات و آلالام و اعتقدنا أنه لا ملاذ لنا و لا منفذ للتخلص من مآزقنا ثم سمعنا صوتاً قائلاً: "تشجعوا". كم من مرةٍ صلينا إلى الله طالبين منه أن يصنع معجزة في حياتنا...معجزة تفوق العقل بها نستطيع أن نمشي على الماء أو ننقل جبال لكن كل ما سمعناه كان :"أنا هو لا تخافوا"؟
بنفس الوقت كم من مرةٍ سمعناه قائلاً لنا: "أنا هو" لكن رددنا عليه قائلين: "إن كنت أنت يسوع فاجعلني امتطي إحدى تلك الجياد"؟
كم من بطرس يقبع في داخلنا؟ مشكلة بطرس هي أنه لا يستطيع التمييز بين الله و خيال. و النتيجة أنه لا يثق بالصوت, لا يثق بصوت الخلاص, لا يكتفي بالصوت لكنه يثق بقدرته فما كان إلا و أن انتهى مبلولاً تماماً. إن كنا كبطرس لا نثق بصوت يسوع سننتهي مبلولين أيضاً
هل نحن نثق بصوت يسوع اليوم؟ هل نثق اليوم بذراعي يسوع الطويلة القادرة أن تخلصنا؟
لكن ليس هذا بكل شيء بما أن التلاميذ سمعوا صوتاً و لم يعرفوا صوتُ من كان, دعونا نسمع صوت بطرس ماذا قال و دعونا نحاول أن نستذكر صوتُ من يشبه صوتَ بطرس.
قال بطرس: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ

هذه الجملة المكونة من شقين "(1) يا سيد إن كنت أنت هو, (2) فمرني أن آتي إليك." ألا تذكركم بجمل تشبهها في العهد الجديد؟ هذا الصوت و هذه الصياغة المحددة: "(1) يا سيد إن كنت أنت هو, (2) فمرني أن آتي إليك." ألا تذكركم بصوت مشابه؟ ألا يذكركم بالعبارات التالية
إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا
إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلُ
إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مَلِكَ الْيَهُودِ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ
مشكلة بطرس و مشكلتنا جميعاً هي أننا نخطىء كثيراً في تمييز صوت الرب في حياتنا. فلا نسمعه و لا نثق به, في حين يكون الرب أمامنا ماداً ذراعيه الطويلتين لينتشلنا من أعماق الهاوية, من وسط لجج البحر. إن كنا لا نميز من نحن و لا نميز حاجتنا لهذا الصوت و لتعلقنا بذراعي صاحبه, فنحن غارقون إلى الهلاك.
(C.S. Lewis) قال الكاتب و اللاهوتي
يملك كل مسيحي أفضلية تميزه عن غيره من الناس: ليس أنه أقل سقوطاً من الناس, و ليس أنه أقل سقوطاً من الخليقة التي سقطت, بل أنه عارف أنه سقط في وسط خليقة سقطت
متـّى يقول أن يسوع بذراعيه الطويلتين (انا مركز على كلمة طويلتين لأنه فقط بهما ينتشلنا الرب من أعماق البحر إلى بر الأمان). مـتّى يقول أن يسوع دخل القارب مع بطرس و الريح سكنت. و سجدوا له و لم يقولوا: "إن كنت ابن الله, فخلصنا" بل قالوا:
"بِالْحَقِيقَةِ أَنْتَ ابْنُ اللهِ"