Wednesday, October 28, 2009

هل يدل العلم على وجود الخالق؟

قال روبرت بويل و الذي يعتبر أب الكيمياء الحديثة: "سنعرف الله من معرفة عمل الله."
سنستعرض بعض من العلوم الحديثة و نسأل السؤال التالي: هل يشير البحث العلمي عن وجود خالق أم لا. قيل أنه من أنبل أهداف العلم هو البحث عن الحقيقة فما هي الحقائق التي يشير إليها العلم؟
:(Biology) أولاً: على صعيد علوم الأحياء
تم إحداث تجربة علمية عام 1953 من قبل العالم الكيميائي ستانلي ميلر و فيها تم صنع جهاز كيميائي وضع فيه الغازات التي اعتقد أنها الغازات التي وجدت على الأرض قبل بدء الحياة عليها و كانت (الميتان, النشادر, الهدروجين, و بخار الماء) و تم تعريض هذه الغازات إلى ضوء كهربائي يماثل الضوء. بعد خمسة أيام ظهرت أحماض أمينية في قعر الجهاز و هي نفس الأحماض الأساسية لوجود الحياة. كانت هذه التجربة ثورة علمية تدل على أن الحياة ظهرت على الأرض من تلقاء نفسها.
في الستينات من القرن الماضي هدم العلماء نظرية ميلر لأن الغازات الأولية فترة تكون الحياة على الأرض لم تكن ما استخدمه في الترجبة ببساطة لأن الهدروجين الخفيف الوزن لم يكن ليبقى داخل غلاف الأرض بل كان سيتطاير إلى الفضاء. أجمع العلماء على أن الغازات الأولية كانت ما يشبه تلك الصاعدة من البراكين و هي (ثاني أكسيد الكربون, النتروجين, و بخار الماء) و قد استخدم ميلر حقيقة هذه الغازات و لم يحصل على أي أحماض أمينية. بالإضافة إلى ذلك و حتى لو افترضنا وجود أحماض أمينية و مناخ مناسب للحياة, كيف لنا بالحصول على خلية حية واحدة؟ لذلك قام العلماء بتجربة صغيرة و هي أن وضعوا خلية حية في انبوب اختبار يحتوي على سائل مالح مناسب لها من حيث الحرارة و نسبة الحموضة و القلوية مع الغذاء المناسب. إذاً تملك هذه الخلية على مستلزمات الحياة. ثم قام العلماء بوخز هذه الخلية فتسربت منها كل محتوياتها إلى السائل المغذي فحصلوا بذلك على ما كان يفترض قد وجد لوجود الحياة الأولى و هي سائل مناسب للحياة مع كل المواد الأمينية لكن يبقى السؤال: هل تستطيع محتويات الخلية المتبعثرة من تشكيل خلية حية ثانية من تلقاء نفسها؟ الجواب: لا مطلقاً. لا يمكن لمكونات البيتزا مثلاً من طحين و ماء و جبنة و جمبون من أن تكون قطعة بيتزا من تلقاء نفسها لأنه يلزمها طباخ ماهر.
من خلال البحوث العلمية قدم 600 عالم حاصلين على شهادات الدكتوراة مستنداً علمياً يجزم برفضهم لنظرية داروين للتطور و لشجرة الحياة التي رسمها عن أصول الكائنات الحية و تطورها. السبب الأساسي لهذا الرفض هو اكتشاف منطقة غنية بالأدلة و المستحاثات الأحيائية جنوب الصين تسمى بـ (The Cambian Explosion). من خلال دراسة المستحاثات استدل العلماء على أنها تعود لحيوانات وجدت قبل 3.8 بليون سنة و عاشت في سلاسل حيوية لملايين السنين و لم يطرأ عليها أي تطور يذكر و لا تزال تعيش هذه الأصناف حتى يومنا هذا. و تدل السجلات أن حياة هذا الحيوانات بدأت بانفجار, كما يدل اسم المنطقة, لتظهر على ما هي عليه.
إذا شبهنا 3.8 بليون سنة بساعات اليوم الواحد, فإنه حتى الساعة العاشرة ليلاً لا نرى حياة في تلك المنطقة. لا يوجد إلا بعض الغازات و المياه و الفلزات. انقضى أكثر من ثلاث أرباع اليوم من دون حياة. عند الساعة العاشرة و خلال دقيقتين حصل الانفجار لتظهر الحيوانات بالشكل الذي نراه اليوم و ليس بنمو و تطور تدريجي كما اقترح دارون. إذاً كان هناك من هو وراء وجود الحياة بهذا الشكل المحدد و المعطى.

:(Cosmology) ثانياً: على صعيد علم الكون أو الكونيات
كيف بدأ الكون؟ إنه سؤال لا يزال يطرح اليوم. منذ بداية المذاهب المادية عند اليونانين القدماء أيام أفلاطون و أرسطو و حتى عام 1900, اعتقدت البشرية بأن الكون أزلي: أي موجود من اللانهاية, أي, لم يكن هناك وقت لم يوجد فيه الكون.
في عام 1929, قام عالم الفلك إدون هابل من خلال المنظار الفلكي المستحدث في لوس أنجلس حينها بدراسة الضوء و حركة المجرات. فاكتشف عن حركة تلك المجرات يتناسب مع بعدها عن الأرض و تزداد سرعة مبتعدة عن الأرض بسرعة متناسبة ببعدها. في ذلك العام قال العديد من علماء الكونيات و الفيزياء و من بينهم ألبرت أينشتاين بالإقرار بأن الكون ليس ساكنا أو خامل الحركة. فقد صرح أينشتاين في نظريته النسبية بأن الكون ليس ساكناً بل في حالة مستمرة من التقلص أو التمدد. اعتقد أينشتاين بأنه كان قد ارتكب خطأً في نظريته النسبية لكنه اكتشف بفضل العالم إدون هابل أن تناسب حركة المجرات متفق مع بعدها عن الأرض و أنه كان محقاً و كانت النتيجة أن الكون في تمدد مستمر.
هذا يعني أن الكون كان في الماضي البعيد جداً أقل اتساعاً و أكثر كثافة. لنتخيل أننا نسجل شريطاً سينمائياً لتاريخ حركة الكون المتسع و الذي يتمدد لملايين السنين. ثم نوقف الشريط و نعرضه بالعكس. سنرى كيف أن صورة المجرات و الكواكب تنكمش لتصل في النهاية البعيدة لبدء الكون إلى نقطة واحدة شديدة الكثافة. على هذا الأساس قال العالم هابل بأنه كان يوجد بداية للكون في الماضي البعيد.
في النصف الثاني للقرن العشرين تأكد العلماء من استنتاجات هابل أنها صحيحة و قاموا بتطبيق معادلة قديمة معروفة باسم معادلة كالام (Kalam Cosmological Argument) عن الكون و تقول:
1- يوجد سبب وراء كل شيء يملك بداية لوجوده
2-يوجد بداية للكون (و هو ما اكتشفه العلماء منذ أيام هابل و أينشتاين)
3- نتيجةً: يوجد سبب لوجود الكون
هذا الاستنتاج يدل إلى حقيقة, حقيقة أسمى من المادة و الزمن و هي يوجد سبب لهذا الوجود الذي صنعه من اللا شيء.
قال عالم الفيزياء إدموند وتايكر: "لا يوجد أي سبب للافتراض أن المادة و الطاقة وجدتا قبلاً و فجأة شرعتا بالعمل بسبب صدمة ما. إنه بالأمر الأسهل التسليم بأن الكون بدأ من العدم (Ex nihilo) و بأن هناك إرادة إلهية و هي التي كونت الطبيعة من العدم.
يعتقد معظم علماء الكونيات اليوم بوجود بداية للكون و ليس هذا الاعتقادبالنسبة مبني على عقيدة لاهويتة بل على دلائل علمية محضة. إن كل هذه المعطيات تشير إلى وجود خالق وراء الكون.
:(Physics) ثالثاً: على صعيد علم الفيزياء
توجد قانونين الفيزياء في هذا العالم بدقة عالية و متجانسة مع بعضها البعض لكي نحصل على الحياة التي نراها اليوم. فلو لم توجد الجاذبية مثلاً, لم نكن لنحصل على نجوم و كواكب لأن وجودها مستند إلى ترابطها. لو لم يكن هناك طاقة أو قوة مثلاً لربط أجزاء الذرة, لم نكن لنحصل على كيمياء. المقصود هو أن غياب أو الخلل الطفيف جداً بهذه القوانين يعيد الحياة إلى شكل بدائي لا تستطيع حتى البكتريا العيش فيه. يبقى السؤال: من أين أتت هذا القوانين و من الذي ضبطها بهذا الشكل الدقيق لوجود الحياة؟
أخيراً: على صعيد الآلات الأحيائية الحديثة:
يؤكد علماء اليوم بأن الخلية الحية لا تشبه تلك التي ظنها العلماء و من بينهم دارون في القرن الثامن و التاسع عشر. بل هي خلايا معقدة و ليست بسيطة كقطعة هلام كما اعتقد دارون. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الخلايا تحوي على أجهزه و أعضاء معقدة للنمو و الحركة بطريقة هندسية و لم يكن لها أن تعيش من دونها.
قال دارون في كتابه عن أصول الكائنات: "لو استطاع أحد أن يبرهن بأنه يوجد عضو حي معقد لا يمكنه العمل إذا مر بمرحلة تطور أو تغييرات طفيفة, فإن نظريتي تهدم من أساسها"
و هذا ما وجده العلماء اليوم, بأن الخلايا الحية المعقدة تملك أجهزة للحركة لا يمكن لها إلا أن توجد بهذا الشكل الدقيق.
و يبقى أخيراً ما يسمى الذكاء الهندسي للحياة. كل مكونات الحياة مستندة إلى شكل و طريقة توزع المواد الكيميائية المعروفة بالرموز (A, T, C, G) على سلسلة الـ (DNA) . فلماذا توجد بهذه الطرق المعينة الوحيدة لوجود الحياة.قال أحد علماء الرياضيات بأنه لو جمعنا كل القردة في العالم أمام أجهزة الكومبيوتر فإن نسبة استطاعت هذه الحيونات لكتابة مسرحية واحدة لشكسبير هي صفر. فلا يوجد احتمال المصادفة لهذا الحياة المعقدة.
نرى كيف أن العلم الحديث يعود إلى ما قاله راع معروف باسم داود: "اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ. يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا."

No comments: